وسلم) يقينا فلا يشمل جميع المنازل مندفع بما ذكرناه من ثبوت الأخوة له إجماعا، وليس كونها من النسب بواجب في صدقها مطلقا حتى تكون خارجة، بل الواجب دخولها في مفهوم الخبر لثبوتها من وجه آخر وصحة إطلاقها على علي (ع) دائما فيقال هو أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يقول في علي (أخي وابن عمي وأخي وصاحبي)، فالأخوة من هذا الوجه مرادة من الخبر يقينا ولم تستثن، فالخبر شامل لجميع المنازل إلا النبوة لا تخصيص فيه بدونها، وإذا ثبت لعلي جميع تلك المنازل من النبي (صلى الله عليه وآله) التي من جملتها أنه خليفته على الإطلاق ثبت كونه الإمام بعده، فدلالة هذا الخبر المتواتر على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) دلالة نص صريح لا تخفى استفادتها منه إلا على جاهل صرف لا معرفة له بمعاني الألفاظ، ولا علم له بتراكيب الكلام العربي، أو معاند يرتكب تغيير المعاني ويتعسف طريق التأويل، ولسنا في ذلك نبحث ولا إنصافهم ندعي كما قدمنا القول فيه، وقد تقدم عن ابن أبي الحديد اعترافه باستفادة ثبوت جميع منازل هارون من موسى ومراتبه غير النبوة لعلي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذا الحديث، والانكار غير مقبول بعد الإقرار، وما أورده بعض الخصوم كالقوشجي وغيره على دلالة الخبر على المطلوب مضافا إلى ما سبق تارة باحتمال كون هارون خليفة لموسى (عليهما السلام) في حياته خاصة لأنه مات قبله، وتارة باحتمال أنه لو بقي بعد موسى أن تكون إمامته بالنبوة لا بالخلافة عن موسى، فلا يلزم أن يكون علي إماما بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه ليس بنبي تشكيك في المعلومات، والجواب عن الأول بأنا إنما نتكلم على دلالة الألفاظ دون ما يؤل إليه أمر الناس من سبق موت الخليفة على من استخلفه، فإنا نعلم يقينا أن الرجل إذا أوصى إلى آخر دل على أنه النائب عنه بعد موته بحيث إذا مات كان للوصي التصرف، ولو
(٢٥٦)