قد كذب الخبر الصحيح عنده وأبطل ما حكم به، فليختر عز الدين عبد الحميد من هذين الوجهين ما يريد يكفه في مناقضته نفسه وإبطال مذهبه وجرائته على أئمته، فتبين لك من هذه الجملة الوافرة عصمة تلك الأخبار الصريحة عن التأويل، وامتناعها عن القال فيها والقيل، وبها يتحقق النص على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ويبطل ما قاله ابن أبي الحديد، وأعجب من قوله الأول قوله بعده: " وأيضا فإنا قد شرحنا من قول شيوخنا البغداديين ما محصوله أن الإمامة كانت لعلي (عليه السلام) إن رغب فيها ونازع عليها، وإن أقرها في غيره وسكت عنها تولينا ذلك الغير وقلنا بصحة خلافته، وأمير المؤمنين لم ينازع الأئمة الثلاثة ولا جرد السيف ولا استنجد الناس عليهم " (1) إلى آخر ما قال مما معناه إن أمير المؤمنين (عليه السلام) فعل ذلك لحكم هو وأصحابه على المتقدمين عليه بالهلاك " (2) وفي هذا الكلام من الوهن ما لا يخفي وهو من وجوه:.
الأول: حكمه عليهم بالهلاك لو نازعهم علي (عليه السلام) وهذا يناقض القول بصحة إمامتهم بعد البيعة لهم كما يقوله هو وأصحابه لأن إمام الحق لا يجوز قتاله ولا منازعته ولا تجريد السيف في وجهه، بل لا تجوز مخالفته في أمره ونهيه، وإذا كانت إمامتهم صحتها موقوفة على رضاه لم يجز لهم عقدها قبل حضوره ومشاورته فإن رغب فيها سلموها له وإن رضي بغيره عقدوها لذلك الغير وشئ من ذلك لم يكن، فإنه (عليه السلام) لم يشاور في واحدة من بيعات الثلاثة البتة بالاتفاق، وتصحيح هذا الخصم فإن عمر قد عقدها لأبي بكر في السقيفة وعلي غير حاضر ولا مشاور ولازم قول المعتزلي أن بيعة أبي بكر في السقيفة غير صحيحة لعدم مشاورة أمير المؤمنين