الرسول (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) بالإمامة الذي كان ابن أبي الحديد وأصحابه ينكره وكذلك إخوانهم من الأشاعرة ومضاهوهم ينكرون وها هو موجود كما ندعي فثبت مدعانا وبطل إنكارهم، ولسنا ندعي عليه وعلى أصحابه وأمثالهم أنهم يقفون على النص ولا يتعدونه ولا يخرجونه عن معناه بآرائهم ولسنا ننكر منه تحريفهم الكلم عن مواضعه، بل نقر لهم بأن المعروف من سيرتهم والمعلوم من طريقتهم لكنه عين العصبية والعناد المنهي عنه في الدين.
ثم يقال لابن أبي الحديد: جميع أهل العلم لا يعرفون من معنى الإمام الشرعي إلا الرئيس العام على الأمة في إنفاذ الأحكام الشرعية، ولا يعرف الصحابة من لفظ الإمام إذا أطلق إلا هذا المعنى كما بيناه سابقا، وهذا هو الخليفة البتة وليسوا يعرفون من معنى الإمامة الشرعية إلا الرئاسة العامة في أحكام الدين على سائر المكلفين وتلك هي الخلافة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا محالة، وتسمية المفتي إماما إنما هو اصطلاح حدث بعد مضي أكثر من خمسمائة سنة من الهجرة بسبب ذكره بعض الشافعية في كلام طويل ولم يكن قبل ذلك معروفا فلا يصح حمل الإمام في الأحاديث النبوية عليه يقينا، وقد أوضحنا فيما سبق أن الإمام العام هو العالم بأحكام الدين وموضحها للمكلفين ومن سواه ليس بإمام عام، على أن لفظ الخبر وهو قوله: (صلى الله عليه وآله): (ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا) أي توافقتم ثم إتيانه بلفظ الإمام بعد قوله: (إن وليكم الله) لا يحتمل إلا إرادة الرئيس العام لا غيره، ويزيده وضوحا قوله: (صلى الله عليه وآله) : (فناصحوه وصدقوه) إذ المناصحة لا محصل لها ولا موقع خصوصا إذا كانت مطلوبة من جميع الناس كما هو صريح اللفظ إلا للإمام العام الذي هو الخليفة، ويؤكده زيادة أيضا قوله (صلى الله عليه وآله): (فإن جبرائيل أخبرني بذلك) فإنه (صلى الله عليه وآله) قصد بهذا القول