منهما واجب الطاعة على الثاني، وهل سمعت ورأيت رجلا إماما لغيره في حال وذلك الغير إمام لذلك الرجل في تلك الحال؟ وهل وجد ذلك في شرائع النبيين؟ أو عقل عند ذوي العقول المنصفين؟ كلا بل هذا تناقض لا تجوز العقول حصوله، وتضاد لا تحتمل جمعيه لأن اجتماع المتضادين واتلاف المتناقضين مما يمتنع في العقل ولا يعرفه أهل العلم والفضل، فيكون القول المستلزم له باطلا فيجب أن يكون الإمام في الأحكام الشرعية لجميع المسلمين وهو الخليفة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لئلا يلزم التناقض والتضاد اللذان لا يجوزان عقلا ولا شرعا، ثم نقول له أيضا إنك حيث قلت أن عليا إمام الصحابة في الفتاوى والأحكام الشرعية والإمام هو الذي يجب على المأمومين الاقتداء به ولا يجوز لهم مخالفته فأخبرنا عن إمامك أبي بكر هل أخذ في إبطال دعوى فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فدك بفتوى إمامه علي (عليه السلام) في الأحكام؟ أم بخلاف فتواه؟ وكذلك في رده شهادته لفاطمة (عليه السلام) وفي منعها ميراثها؟ وفي درءه الحد عن خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة وزنى بامرأته؟ وإحراقه الفجاءة السلمي وإسقاطه سهم أولي القربى من الخمس؟ وتخلفه عن جيش أسامة، ورده عمر من الجيش؟ وغير ذلك من الأفعال (1) هل أخذ بفتوى إمامه علي (عليه السلام) في جميعها أم بغير فتواه؟ فإن قال أخذ في ذلك كله بفتوى علي (عليه السلام) فقد أبطل وأحال وادعى ما لا يعرف وما يكذبه فيه كل أحد، وإن قال أخذ في ذلك وغيره بغير فتوى علي (عليه السلام) بل بضدها كما هو المعلوم بين الأمة فيلزمه أحد الأمرين: إما إثبات المعصية لأبي بكر لمخالفته فتوى إمامه في الفتوى، أو إخراج علي (عليه السلام) من الإمامة في الفتاوى والأحكام الشرعية التي اعترف بصراحة الخبر فيها فيكون
(١٩٦)