إخبارهم بأن نصه على علي (عليه السلام) بالإمامة بوحي من الله إليه لا من قبل نفسه وليس يحتاج إلى بيان هذا إلا إذا كان المقصود من الإمامة المعنى المطلق لا معنى خاصا وهذا ظاهر لكل ذي فهم، وأما الإمامة بمعنى الرئاسة في غير الأحكام الشرعية التي هي أحكام الدين فغير معروفة عند أحد من الصحابة ولا من الفقهاء والمتكلمين بأنها إمامة شرعية وأنها خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما تعرف بأنها ملك جبري وسلطان جوري، فإذا أقررت بأن عليا هو الإمام في أحكام الدين بنص الخبر لزمك الإقرار بأنه خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ لا خلافة في الشرع غير الإمامة في أحكام الدين، ولزمك إذا جعلت غيره خليفة في غير الأحكام الشرعية الإقرار بأنه ليس بإمام من أئمة الدين فهو غير واجب الطاعة على المكلفين ولا لازم المناصحة على المؤمنين فليس بإمام شرعي فلا يكون خليفة الرسول، لأن الخلافة هي الإمامة العامة في الدين والأحكام الشرعية، بل هو سلطان جائر دنيوي فما زدت بجوابك على أن أثبت إمامة صاحبنا وأوضحت النص عليها وأخرجت غيره من الإمامة الشرعية وأدخلته في الرئاسة الدنيوية لا الدينية وذلك هو مطلبنا الأهم وغرضنا المقدم، والذي كنا نناضل الفرق المخالفة عليه، إذ لسنا نزيد في القول على أن من عداه ليس بإمام في أحكام الدين تجب طاعته والاقتداء به فيها، وأن الإمام في ذلك كله هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأنه ظلم واغتصب حقه وصريح قولك الاعتراف بدلالة الخبر على قولنا وذلك هو المراد، فكأنك بما قلت قد قلدت جيد مذهبنا قلائد النور وخلعت على قولنا خلع السرور، ثم يقال له أيضا: ألست حكمت بما قلت: بأن عليا (عليه السلام) إمام أبي بكر في الأحكام الشرعية كما هو إمام غيره من الصحابة فيها، وأن أبا بكر إمام علي (عليه السلام) لأنه الخليفة فحينئذ يكون كل من علي وأبي بكر إماما ومأموما في حال واحدة كل
(١٩٥)