براءة إلى أهل مكة ولم يرتضه الله لذلك ولم يجعله له أهلا، فكيف يرتضيه الله للرئاسة العامة وهي التبليغ عن النبي (صلى الله عليه وآله) للأمة جميع أحكام شريعته في الدماء والأموال والفروج وإنفاذها فيهم؟ لأن الإمام هو المبلغ عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أحكام الشريعة إلى أمته والقائم بتنفيذها فيهم لا معنى للإمامة غير هذا يقينا، ومن لم يرتضه الله لتبليغ بعض الأحكام القليلة لأناس من الأمة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فبالأولى أن الله لا يرتضيه لتلك الرئاسة العامة والمنزلة الجليلة، ولما كان علي (عليه السلام) هو المرتضى للتبليغ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من دون تخصيص وأن حاله في ذلك كحال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو القائم مقامه في التبليغ إلى الأمة، كان هو الإمام المرتضى لتلك الرئاسة الكبرى والأمر في ذلك واضح لا يخفى على ذي حجي فكيف على خصومنا وهم من الفضلاء لولا ما وقع على أفهامهم من ظلمات الشبهات فحالت بينها وبين إبصار الأمور الظاهرة والحق الواضح.
ثم أن قول النبي (صلى الله عليه وآله) (أو رجل مني) إما أنه يريد أنه منه في قرابة النسب فيكون ذلك حجة لنا على ما نقول من أن الإمام يجب أن يكون من ذوي قربى الرسول (صلى الله عليه وآله) ومن لم يكن من ذوي قرابته لا يصلح لخلافته أو أنه بالاتباع كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم الخليل (عليه السلام): [فمن تبعني فإنه مني] (1) وقد قال الله سبحانه وتعالى [قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله] (2) ومحبة الله سبحانه وتعالى لعلي (عليه الصلاة والسلام) ومحبته لله تعالى ثابتة بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خيبر: (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)