كعلي (عليه السلام) ومن معه مثل العباس وبني هاشم والزبير وسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار وبقي جماعة على الآباء والامتناع كسعد بن عبادة وتابعيه من حيث أنهم لم يجعلوا اختيار عمر وأبي عبيدة ماضيا عليهم ولم يرضوا بمن اختاراه، قل ما شئت تخصم نفسك وتبطل مذهبك إن قلت: إن اختيار الرجلين غير ماض على المسلمين أبطلت تلك البيعة وطعنت في صحتها وعاقديها، وإن قلت أن اختيار الرجلين ماض على المسلمين طعنت فيمن رده وأبطله وجعل وجوده كعدمه، فاختر - أعزك الله - من هذين الوجهين ما تريد يكن فيه إبطال مذهبك وتكذيب دعواك هذه الحال في بيعة أبي بكر.
وأما خلافة عمر فإنها صدرت باختيار أبي بكر خاصته ولم تكن بمشاورة غيره، وطلب فيها طلحة الشورى وأباها هو وقوم معه أشد الآباء وأزرى على أبي بكر استخلافه عمر وخوفه من الله في ذلك، فجبهه أبو بكر وتنقصه بأن قال له " عمر خير الناس وأنت شرهم (1) " وتهدده وتوعده بما هو عند مخالفينا مذكور وفي كتبهم مسطور وقد مر عليك ذكره، فأين اختيار المسلمين في هذه البيعة،؟ بل هي أعظم من سابقتها اختصاصا ومن أين جاز لأبي بكر أن يجعل لعمر الخلافة من غير مشاورة المسلمين من أهل السابقة والعلم والدين من الصحابة وهو يعلم أنها لا تصح إلا باختيارهم كما قلتم؟ وكيف زاد على ما فعل بإجبار من أبي عن بيعة عمر مع سبقه عليه اسلاما وكونه أكثر منه جهادا على طاعته؟ وكيف استحل عمر الولاية من جهة أبي بكر خاصة مع عدم رضا جماعة من أعيان المسلمين وهو القائل لأبي بكر حين اقطع عينيه بن حصين والأقرع بن حابس (2) أرضا بعد ما استشار من حوله من المسلمين