البيعة باختيارهم؟ وإنما وقعت بخيرة عبد الرحمن خاصة وكان جماعة من خيار الصحابة كعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وأمثال هذين وسعد بن أبي وقاص في رواية كلهم أشاروا على عبد الرحمن بمبايعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وترك مبايعة عثمان فلم يلتفت إلى قولهم ولم يشر بمبايعة عثمان إلا رجل طليق من بني مخزوم ممن لا تجوز مشاورة مثله في تمرة من بيت مال المسلمين (1) فضلا عن الرئاسة العامة على الأمة فأين اختيار أهل الفضل من الصحابة لهذه البيعة؟ وكل هذه الأمور معلومة لا يستطيع أحد إلى إنكارها سبيلا فاللازم على الخصوم إما القول ببطلان اختيار المسلمين في الإمامة وأنها كالملك الجبري تكون لمن غلب كما هي حالها بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإما القول ببطلان إمامة الثلاثة لعدم وقوعها باختيار المسلمين كما عرفت أو الحكم بفسق كثير من الصحابة الطاعنين في تلك المبايعات والرادين لها كما مر عليك بيانه مشروحا في المقام وإن كان مختصرا وكل ذلك لا يقول به الخصوم فما أدري ماذا يقولون؟ وبماذا يجيبون في هذه الإمامة التي يقولون إنها باختيار المسلمين ثم يعقدها لواحد آخر على رغم إناف المسلمين، فما أشد مناقضة هذا الفعل لذلك القول، ومن هذا يعلم أن الإمامة لا تصح بالاختيار، وأنها لم يلها أحد باختيار المسلمين من أئمة القوم بالمرة فلا بد في صحتها وثبوتها من النص وقد تبين غاية التبين من جميع ما ذكرناه أن كل من ادعى الإمامة أو ادعيت له بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما خلا عليا (عليه السلام) ليست إمامته صحيحة لفقدانهم الشروط الواجبة في الإمام بأدلة القاطعة والبراهين النيرة اللامعة من العصمة والقرابة والنص عليهم من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والفضل لا سيما بالمعنى الثاني من معنييه وهو الجمع للصفات الحميدة
(١٦٨)