له أن الإمامة موقوفة على اختيار الله لا اختيار البشر، وإذا لم يكن للخليل اختيار في نصب الإمام فكيف يكون ذلك لسائر الناس؟ وبما ذكرناه يبطل ما احتمله الرازي في تفسيره (1) من كون الإمامة المطلوبة لإبراهيم النبوة ولا ينالها من عبد صنما وقتا ما على أنه قد أبطل قوله هذا بما ذكرناه عنه في مسألة العصمة من جعله الآية دالة على عصمة الإمام ظاهرا وباطنا وأن أصحابه تركوا دلالتها على ذلك واكتفوا بالعدالة في الإمام وجعلوها دليلا على اشتراط العدالة في الإمام ولا يكون هذا المعنى إلا في الإمامة المجردة عن النبوة فثبت أنه مقر بأن الإمام بالمعنى الأعم هو المطلوب ثم يقول في هذا المقام: " إن مطلوب إبراهيم الإمامة بالنبوة والنبوة عنده لا تكفي فيها العدالة لقوله ولا ينالها من عبد صنما وقتا ما فكان بعض كلامه مناقضا لبعض وهذا دأب القوم وديدنهم في مذاهبهم وأقوالهم لضيق مسلكهم.
الثاني إن الله تعالى أجاب إبراهيم بقوله [لا ينال عهدي الظالمين] فسمى الإمامة عهده، ومن المعلوم أن عهد الله لا ينال إلا من قبله وليس للخلق في جعله لانسان معين صنع، ولو كانت الإمامة تجوز عند الله باختيار الخلق وترام بذلك لقال لإبراهيم أن الإمامة ليست موقوفة على نصبي ونصي بل جعلت الاختيار في تعيين الإمام لخلقي فاختر أنت من ذريتك من تشاء أو من عرفته في نظرك صالحا لها فأنصبه إماما، ولما لم يجب الله إبراهيم (عليه السلام) بذلك بل أجابه بما سمعت علمنا أن الإمامة لا تكون إلا بنص من الله تعالى وهو المطلوب.
ومنها قوله تعالى [ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا تقاتل في سبيل الله] إلى أن قال تعالى: [وقال