وأشرافهم وهم: أبو سفيان بن حرب، وأبو جهل بن هشام، والأخنس بن شريق، خرجوا ليلة ليستمعوا كلام رسول الله ص وهو يصلي من الليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر، تفرقوا، فجمعهم الطريق فتلاقوا وقال بعضهم لبعض:
" لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا، ثم انصرفوا ". (1) ولكن عادوا في ليلتين أخرتين بمثل ذلك.
وما هذا إلا لأن القرآن كان كلاما خلابا لعذوبة ألفاظه وبلاغة معانيه، رائعا في نظمه وأسلوبه، ولم يكن له نظير في أوساطهم.
د. الطفيل بن عمر الدوسي من الحبائل التي سلكها أعداء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لصد تأثير القرآن، منع شخصيات المشركين من لقاء الرسول ومن تلك الشخصيات الطفيل، وكان رجلا شريفا شاعرا لبيبا، فقد قدم مكة ورسول الله بها فمشى إليه رجال من قريش وخوفوه من سماع كلام النبي وبالغوا في ذلك، يقول الطفيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه، حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا...
فغدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله قائم يصلي عند الكعبة، فقمت منه قريبا فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله فسمعت كلاما حسنا، فقلت في نفسي واثكل أمي، والله إني لرجل لبيب، شاعر، ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل، فإن كان الذي يأتي به حسنا