د. الأساليب التي اعتمدها في نشر دعوته إن منطق النبي الأكرم ومسلكه - كغيره من الأنبياء - هو شق الطريق على نهج الصدق والعدل والتحرز عن التذرع بوسائل غير حقة حتى لو كانت مفيدة ونافعة لأهدافه الشخصية، بل كان يناهضها ليستقيم الناس على جادة الواقع والحق.
ه. أثر رسالته في تغيير البيئة التي ظهر فيها إن الإلمام العابر بأحوال العرب في شبه الجزيرة العربية، يكفي في إثبات أن الثورة العارمة على التقاليد والعادات السائدة هناك آنذاك، في مدة لا تزيد على ثلاث وعشرين سنة وصنع أمة متحضرة منها، في هذه البرهة الوجيزة من الزمن، أمر يستحيل تحققه عن طريق الأسباب العادية والأساليب المتعارفة، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن وراء هذه الثورة، إمدادات غيبية، نصرت الثائر في جميع مواقفه ومقاصده.
وهذا الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصف وضع العرب الجاهليين في بعض خطبه ويقول:
" وأنتم معشر العرب على شر دين وفي شر دار... تسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة ". (1) فهذه الأمة على هذه الحال وهذه الأوصاف، تحولت إلى أمة عالمة أرست قواعد الحضارة الإنسانية في مدة قصيرة، ولم يتحقق ذلك إلا في