ج. المفاهيم التي تبناها ودعا إليها جاء الرسول الأعظم بمفاهيم راقية في جميع شؤون الحياة البشرية، ففي مجال المبدأ والمعاد دعا إلى التوحيد، ونبذ الوثنية وتنزيهه سبحانه عن كل نقص وعيب، وقرر أن الموت ليس بمعنى ختم الحياة، وإنما هو نافذة للحياة الأبدية، وأين هذا من مفاهيم الشرك والوثنية التي كانت سائدة في ذلك الزمن، وقولهم كما حكاه الله تعالى:
(ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر). (1) وفي حقل الأخلاق والتعاون والتآلف الاجتماعي، زرع في محيط البغضاء والحقد بذور المحبة والمؤاساة، وجعل أبناء المجتمع الواحد إخوة في الدين وقال:
(إنما المؤمنون إخوة). (2) وأرسى أركان الإحسان والعدالة الاجتماعية، وحذر عن الفواحش والبغي والعدوان، وأين هذا من الممارسات الأخلاقية القبيحة الرائجة بين العرب في تلك الظروف؟
وفي الحقل الاقتصادي، جاء بأصول ومفاهيم بنى عليها بنيانا محكما من التشريعات الاقتصادية في مختلف أبواب المعاملات، فمن ذلك أنه نادى بحرمة الربا الذي كان الشغل الشاغل في الجزيرة العربية.
وإلى هذا أشار جعفر بن أبي طالب في مقالة ألقاها إلى ملك الحبشة فقال:
" أيها الملك بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة والزكاة والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهانا عن الفحشاء والمنكر والبغي ". (3)