والتأمل في الآيتين بمقارنتهما بالآيتين الواقعتين في تلوهما يهدينا إلى أن المراد من النظر في الآية، هو التوقع والانتظار، لا الرؤية، وإليك تنظيم الآيات حسب المقابلة:
1. (وجوه يومئذ ناضرة).
ويقابلها قوله تعالى:
2. (وجوه يومئذ باسرة).
3. (إلى ربها ناظرة).
ويقابلها قوله تعالى:
4. (تظن أن يفعل بها فاقرة).
فالفقرتان الأوليتان تصفان الناس يوم القيامة وإنهم على طائفتين:
طائفة مطيعة وهم ذات وجوه ناضرة، وطائفة عاصية وهم ذات وجوه باسرة، ثم ذكر لكل منهما وصفا آخر، فللأولى أنهم ناظرة إلى ربها، وللثانية إنهم يظنون أن يفعل بهم فاقرة أي يتوقعون أن ينزل عليهم عذاب يكسر فقارهم ويقصم ظهورهم.
فالمقابلة بين الفقرة الثالثة والرابعة تشهد على المراد من الفقرة الثالثة التي مضادة للرابعة، وبما أن الفقرة الرابعة ظاهرة في أن المراد توقع العصاة العذاب الفاقر، يكون المراد من الفقرة الثالثة توقع الرحمة والكرم من الله تعالى لا رؤيته تعالى.
ثم إن الرازي ناقش في تفسير النظر في الآية بالانتظار، بأن الانتظار سبب الغم والآية مسوقة لبيان النعم، وأجاب عنه المحقق الطوسي، بأن الظاهر من الآيات، إن الحالة التي عبر عنها تعالى بقوله: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) متقدمة على حالة استقرار أهل الجنة في الجنة