وقال أيضا:
" إن قال قائل: لم قلتم إن رؤية الله بالأبصار جائزة من باب القياس؟
قيل له: قلنا ذلك لأن ما لا يجوز أن يوصف به الله تعالى ويستحيل عليه، لا يلزم في القول بجواز الرؤية ". (1) لكن المتأخرين منهم لما رأوا أن القول بجواز الرؤية بالأبصار تستحيل في حقه تعالى، حاولوا تصحيح مقولتهم بوجوه مختلفة فقال الإمام الرازي:
" وقبل الشروع في الدلالة لا بد من تلخيص محل النزاع، فإن لقائل أن يقول: إن أردت بالرؤية الكشف التام، فذلك مما لا نزاع في ثبوته، وإن أردت بها الحالة التي نجدها من أنفسنا عند إبصارنا الأجسام فذلك مما لا نزاع في انتفائه - إلى أن قال: - والجواب إنا إذا علمنا الشئ حال ما لم نره، ثم رأيناه، فإنا ندرك تفرقة بين الحالين، وتلك التفرقة لا تعود إلى ارتسام الشبح في العين ولا إلى خروج الشعاع منها، بل هي عائدة إلى حالة أخرى مسماة بالرؤية، فندعي أن تعلق هذه الصفة بذات الله تعالى جائز ". (2) وحاصله - كما لخصه المحقق الطوسي -: إن الحالة الحاصلة عند ارتسام الشبح في العين أو خروج الشعاع منها، المغايرة للحالة الحاصلة عند العلم، يمكن أن يحصل مع عدم الارتسام وخروج الشعاع.
يلاحظ عليه: أن الحالة المذكورة إما تكون رؤية بصرية بالحقيقة، فذلك محال في حقه تعالى كما اعترف به الرازي أيضا، وإما لا تكون كذلك وإنما هي مشتركة مع الرؤية البصرية في النتيجة، أعني: المشاهدة،