يلاحظ عليه: أن الحدوث ليس شرطا كافيا في الرؤية حتى تلزم رؤية كل محدث، بل هو شرط لازم يتوقف على انضمام سائر الشروط التي أشرنا إليها وبما إن بعضها غير متوفر في الموجودات المجردة المحدثة، لا تقع عليها الرؤية.
وهناك دليل عقلي استدل به مشايخ الأشاعرة في العصور المتأخرة، وحاصله أن ملاك الرؤية والمصحح لها أمر مشترك بين الواجب والممكن وهو الوجود، قالوا:
" إن الرؤية مشتركة بين الجوهر والعرض، ولا بد للرؤية المشتركة من علة واحدة، وهي إما الوجود أو الحدوث، والحدوث لا يصلح للعلية لأنه أمر عدمي، فتعين الوجود، فينتج أن صحة الرؤية مشتركة بين الواجب والممكن ". (1) وهذا الدليل ضعيف جدا ومن هنا لم يتم عند المفكرين من الأشاعرة أيضا، إذ لقائل أن يقول: إن الجهة المشتركة للرؤية في الجوهر والعرض ليست هي الوجود بما هو وجود، بل الوجود المقيد بعدة قيود، وهي كونه ممكنا، ماديا، يقع في إطار شرائط خاصة، يستحيل في حقه تعالى، ولو كان الوجود هو الملاك التام لصحة الرؤية للزم صحة رؤية الأفكار والعقائد، والروحيات والنفسانيات كالقدرة والإرادة وغير ذلك من الأمور الروحية الوجودية التي لا تقع في محل الرؤية.