وإبراز العقيدة الإسلامية بصورة الإبهام والألغاز كما في هذه النظرية كإبرازها بصورة التشبيه والتجسيم المأثور من اليهودية والنصرانية كما في النظرية الأولى، لا يجتمع مع موقف الإسلام والقرآن في عرض العقائد على المجتمع الإسلامي.
وممن خالف هذه النظرية منهم أبو حامد الغزالي، وحاصل ما ذكره في نقدها إن هذه الألفاظ التي تجري في العبارات القرآنية والأحاديث النبوية لها معان ظاهرة وهي الحسية التي نراها، وهي محالة على الله تعالى، ومعان أخرى مجازية مشهورة يعرفها العربي من غير تأويل ولا محاولة تفسير، فإذا سمع اليد في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله خمر آدم بيده، وإن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمان " فينبغي أن يعلم أن هذه الألفاظ تطلق على معنيين: أحدهما - وهو الوضع الأصلي -: هو عنصر مركب من لحم وعظم وعصب، وقد يستعار هذا اللفظ، أعني:
اليد، لمعنى آخر ليس هذا المعنى بجسم أصلا، كما يقال:
" البلدة في يد الأمير ".
فإن ذلك مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد، فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعا ويقينا أن الرسول لم يرد بذلك جسما، وأن ذلك في حق الله محال، فإن خطر بباله إن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم، فإن كل جسم مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كانت كفرا لأنه مخلوق. (1) ومنهم أبو زهرة المعاصر فإنه أيضا قدح في هذه النظرية وقال:
" قولهم بأن لله يدا ولكن لا نعرفها ".
" ولله نزولا لكن ليس كنزولنا " الخ.