وقد فسر الإمام علي (عليه السلام) قوله تعالى بفعله الذي ينشئه ويمثله، حيث قال:
" يقول لمن أراد كونه كن فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله ". (1) فتحصل بذلك، أن كلامه سبحانه في القرآن لا ينحصر في الكلام اللفظي، كما لا يكون منحصرا في الكلام الفعلي، بل هناك قسمان آخران سميا بالكلام، أحدهما: الوحي، وثانيهما: قضاؤه تعالى وحكمه، نعم يمكن إرجاع هذين القسمين إلى الكلام الفعلي، بلحاظ أن الإيحاء والقضاء أيضا من أفعاله سبحانه.
وبذلك يظهر أن الصواب من الآراء المتقدمة هو نظرية الحكماء، وأما نظرية المعتزلة فهي غير منطبقة على جميع مصاديق كلامه سبحانه وإنما هو قسم قليل منه.
وأما نظرية الأشاعرة فليس له أثر في الكتاب العزيز.
فالمعتزلة أصابوا في جهة وأخطأوا في جهة أخرى، أصابوا في جعلهم كلامه تعالى من صفات أفعاله سبحانه وأخطأوا في حصره في الكلام اللفظي.
ولكن الأشاعرة أخطأوا في جهتين: في حصر الكلام الفعلي بالكلام اللفظي، وفي ادعاء قسم آخر من كلام سموه بالكلام النفسي وجعلوه وصفا ذاتيا له تعالى.
إلى هنا تم الكلام في تفسير حقيقة كلامه تعالى وتحليل الآراء المطروحة في هذا المجال.