مكورة مسورة ذات مسالح وفراديس ومحال ومساجد وحمامات ودور قور لها قياطين فيح وآزاج وأروقة وأزوج ومصائف ومشات (1) وأنابير وجرن وابتئر فيها آبار او أخرق اليها قنيا استنزلها الماء من سواعد الارض استنزازا واسترشحه من قصبها استرشاحا ثم أعينه وأسيله وأسيحه جداول في حوايا الارض أذيب سريانها وأوديها الى وجنات البراح واديا غمر الماء (2) عبابا أسقى (3) به صفحات الرياض وعروق الاغراس والزروع ويكون للمارة شربا وطهورا. وكل من هذين غني عن رادة ترتد اليه مما أزمع عليه، ليس يبتغى به عوضا عن الاملاق (4) ولا يغشاه من الثناء أريحية وهزة ولايحبوه الشكر بهجة ولا يذيقه الذكر لذة ولا يتغير منه بسبب ما يفقده حال راهنة الى حال طارفة.
واحدهما ابن نجدة مايؤوب (5) عليه عمله وما يستغنيه صنعه ويعلم علما يقينا - لايخدش جبينه ريب ولايطعن في حرمته شك - انه وان انتحى صلاحا وتحرى نفعا فلايتفق في الغالب الذى هو اكثر احصاء (6) وأمد مدة الا ضد ما اشرأب اليه قصده و خلاف ما ولى شطره رضاه وان استظهر على أهلها بكل مصقع يسمع الوعظ الا بلغ ويهد وزاجر يفرى في التهديد ويقد، فان عقدته لتكون زريبة لمن يستعرض القوافل ويغشى السبل ويسلب المارة يغير في السبيل الاجدى (7) المسلوكة يغدو منها اليها ويروح الى مأمنة منها وانها لتكون مصطبة للفجور ومسبأة للخمور ومظنة للفواحش وانما يسلم فيها العدد القل شاذا بعد شاذ وفذا بعد فذ.
وأما الثانى فقد حسن الظن بعقبى ما أجمعه وخال ان ما سمت بطويته سمته ولفت بنيته، لفته من صلاح قدره وخير هم اليه ومعونة حرد حردها واهتمام شام فضله واحسان ام صوبه أمما بتيسير، ثم ان كلامنهما لم يعرج الا على تنفيذ مشيته وتشييد البنية على الصورة