استقامة واودا وان عصيانا وطاعة وان انصاتا ولجاجة وان سعادة وشقاوة، بل علم أي العدوين الاغلب وأي الحزبين الاقوى والاثور، لاتخفى عليه خافية فيجوز أن يمضى أمره ويقضى قدره وينفذ، حكمه ما صرفه عن ذلك وكيف يصرف؟! ولا وقفه وكيف يوقف؟!
فاسلم واستمر مع المقدور. اما تكرهن شيئا فكراهة لاتأخذ بيدك الى (1) رؤوب (2) النفس وانحلال الازر وحرج الصدر، بل قف عند الاستنكار والانكار وعبر برفق وعظ بلطف فان العنف مصرفة عن المساعدة، محرصة على اللجاج، وعليك بالرحمة (3) فانها لاولى بسقيم الحوباء منها بسقيم الاعضاء واذا رمقت أمثالهم بعين الرحمة (4) والقيت عليهم الرأفة بورك لك ولهم فيما تنحلهم وما كل يعصم عصمة يوسف (5) حين رأى برهان ربه وكانت همت به وهم بها ولا عصمة ابسال (6) حين نشأ عليه كنهورة من حيث شب سلالة فارته وجهها.
فاما أنت أيها الكليم فقد ذهبت في أمر الوعد المرغوب والوعيد المرهوب وانهما للكاسب دون المدبر ومن يجرى مجرى المجبر، وللكادح دون المقسور ومن يجري مجرى المجرور مذهبا. لو كان عقد المصلحة والعادة لجج بنا كما لججنا ونقضى عليه كما يقضى علينا وكان لشئ نسميه عقلا أو حكمة عليه سلطان باباحة (7) او حظر (8) وكان جناب القدس عرضة لعذل وعذر لكان انشاؤه ما أنشأه وابداؤه ما أبدأه وتقديره ما قدره لغرض أجاب داعيه وأبغى عليه باغيه أو لعلة سئمته فسام وبسبب أقام عزمه. فقام كلا، انه لايسأل عما يفعل، يعلم ذلك من يعلمه ممن رسخ في سواء العلم رسوخا وشرب منه ريا نميرا والقيت اليه مقاليد الاسرار القاء وجليت له شبهات الحكمة جلاء، ثم انفقت عليه كنوز من عمره و ذخائر من زمانه. وقد سئلت ارشادك ولمثله في مثلك مهلة وأنت على خوف من مخالطتى، لاتسع الريث ولاينبع بحر طلبتك وكشف هذا المعتاص عليك الا الريث بعد أن يناسبه