طبع ويساعده من الله صنع وتكون عبر أسفار ذلك المنهج قد بلغته ذلك المحط وشرحت صدره فلا تفرضه المجاهدة في تلك السبل ولا يغشى بصره ذلك السناء، فعد عن ذلك الى نهج آخر مما الفته، فان ذلك النهج مضنون باعلاقه معجوز عن لحاقه لايخرقه الا الخريت المشيع والمهدى الموفق في زمان ممطول. فهلم بنا الى طريق أفرغ من طريقك فرغا وتحميل أخف على كاهلك عبئا وسبيل ان لم ينفذك الى حرى الحق ومعاينة طرفك فيه طيفه وفي عليك ظله فلنضرب الان الى أرض أخرى هى أحرى.
واعلم ان جناب القدس منيع ان تطأه اقدام الاوهام، وأحكام الجبروت عجيبة عن هذه الاحكام، وان خالقك ليس أنما يفعل ويذر ويقدم ويؤخر لمثل ما تفعل وتذر وتقدم و تؤخر، وانك ان استحببت مقايسة صنيع رب العزة بصنيعنا اختلف اللغتان وتفاوت اللفظان (1) وهجمت عليك شبه مدلهمة هي أدجى من شبهك المثارة في باب الوعد والوعيد المطارة من وكر الثواب والعقاب ويلزمك في كل شبهة منها ترجو محقها وضلالة تتحرى أزهاقها من كلفة التحسين والاعتذار والتخلص من ربقة خالق الاستنكار أكثر مما يلزم خصمك القائل بالقدر.
فان كنت تضرب من أفعالك لافعال الله (2) امثالا وتحاذيها بها قياسا فأثبت لامثال تضرب لك، رجلان كل منهما سمت همته الى عقد بنية في برية عطشى فل لايغاث ولا يسيب فيها فجرة من ينبوع ولاينحط اليها مد من أتى ولا يبض اديمها برشح وهى ملصة مسبعة لايعتسفها الا شرطة (3) مغوار (4) بنفسه وهى مع ذلك سهلية اقصر جددا الى فرض البحر ومراق التجر وبلاد الفلاح في الكسب من غيرها وقد هجرت الى سبل وعرة حزون هضبات ومتون في اهضام وبطون وعقبات (5) كؤودة وثنايا محصورة وشعوب حرجة لايكاد الركوبة والحمولة تجوبها الا عن انبتات. فقال كل واحد منهما: ساشيد فيها بنية