الحديث في شجونه.
فأقبل على يقول: مالى أراك غير ذى العهد (1) الذى عهدته وغير ذى الألف الذى عرفته؟ أراك زمر النشاط، ذابل الورق، ممصوص النقى، معقول الأسله، رائب النفس، واجم السحنة بعد عهدى بك ضرمة تلتهب ونبعا تموج واعصارا تعصف وشفرة هذاذة الغرب وجوادا غير مكبوح الجماح فكانما بلى (2) غليانك يفثأ (3) وعنود عرقك يرقأ. (4) فقلت: كذلك للدهر ضربات اخياف والمرء في تصاريفه فانه ليكسو ثم ينضو ويخلع ثم يخلع، والتغيير ديدنه والتبديل هجيراه ولقد كنت على بينة من ثبوت القدر بقياس معتبر فتلفق اليه من التجارب ما رفده وعضده واذا شهد القياس للحق وشهدت التجربة للقياس تأكد الايمان وعقدت النفس على سرده وأعرض الوهم عن همز الشبهة ولمزها ولم يمنحهما الاصغاء ولم يؤلفهما البال وانشز عنهما الذهن وهذا رفيقى لقد أطاع نزغات الشيطان في جحد القدر وهو زلوق عن القبضة لاتملكه الحجة لقد غرى بشبهة ترين (5) على قلب من لم يعجم الخليقة بناجذ الحلم واجتلى وجه الحق من وراء سحق رفيف فما باح له الطباع بسره ولا هش وجه الحق في وجيه وانما يضرب لله من عادات برية امثالا ويجرى عليه من مذاهبهم احكاما ولقد بردت عين عقله بكل برود فلحظه لحظ القذى وعرضت عليه كل آية فتولت عنه بركتها (6) فكان الذى نلته من لقائك عفو أمنية أعلل بها النفس تبيناها مقلبة الاحوال (7) غير مرتصدة.
ولقد كان الاستصراخ اليك والاستنصار بك من مثله واستدناء تطوفك وامتراء شطرك واستجراء لسانك ببيانك والاصاخة لنيل موعظتك من غرر الاغراض المقصودة بتيسير الله لقائك ومنه بقربك واجسام الصنع بأدنائه والادناء منك ولقد تيسر فانعم ببيان