المحكية فصدق علم الاول وأخلف ظن الثاني، فاخبرنى أيها الكليم هداك الله ماذا يفتى به امامك من المعاني التي تعرف بالعقول ذلك الذى سلمت لحكمه في باب الجزاء على القدر اذا استفتيته عن صنيعهما؟ فلعله ينحل ثاني الرجلين قبولا للعذر ويعزوه الى حسن نية عارضتها دون تمام العمل يد حاجزة أو لعله (1) يشح عليه بتمهيد عذره ويفيض في تأنيب و تبليم (2) رأيه قائلا له ما كان بك افتياق الى عمل شاه وجه مغبته وعمت الفتنة بسببه وهلا فكرت ثم قضيت ونظرت ثم أمضيت ولم لم تفكر (3) في نفسك لاكونن قادحا لزناد (4) فتنة أو ماهدامهاد آفة وعرضة لندم. وأما الاول ففتواه فيه جزم حتم (5) وهو انه المغموس في مغاط العذل لا متنفس له الى العذر.
ثم ان كنت أيها الكليم تضرب لله أمثالا مما خلق وتجرى عليه أحكام الجميل والقبيح والمباح والمحظور، فأي الرجلين تضرب له مثلا وتشبه به عملا لاسيما اذا تذكرت رأيك أن الناجي زمرة زمرة ممن يهوى هواك ويأتى الحق من مأتاك لو جمعت لم يشبع جوف قربة ولا اسودت لمعة بقعة والاخرون مردودون عندك في وهدة الهلاك، أليس فتواه ان الاول منهما هو المثل؟ تعالى الله عن أن تضرب له الامثال وتعرض (6) عليه الاحكام أو يكون له فيما يقتضيه غرض أو أرب أو علة أو سبب، علا مكانه وجل شأنه وسفلت الاوهام عن كنهه وكل شئ هالك غير وجهه لا يسأل عما يفعل ولا يعلل ولايشبه ولايمثل هذا.
والقدر من نية الرجل وعمله هذا القدر، فكيف اذا كان هذا المظلم قد حشر على من أسكنه عقدته وجزم (7) عليه أن يخدمه (8) ويخلى واردة الفساد عنه من المرابطين - عدة ديدنهم السعى بالفساد في البلاد والعباد وتجنيب كل من (9) لم يصغ صغوهم ولم يضلع ضلعهم وحرد عنهم وعاف شرعتهم بكل حيلة ووسيلة الى تضليله - وأقعد أيضا بازائهم