منها: نظام العالم، ومنها: حديث الثواب والعقاب. ومنها: اثبات المعاد للنفوس.
فالمقدمة الاولى: هى ان تعلم ان العالم لجملته واجزائه العلوية والسفلية ليس فيه ما يخرج عن ان يكون الله سبب وجوده وحدوثه وعن ان يكون الله عالما به ومدبرا له و مريدا لكونه، بل كله بتدبيره وتقديره وعلمه وارادته، هذا على الجملة، والظاهر وان كنا نريد بهذه الاوصاف ما يصح في وصفه دون ما يعرفه المتكلمون ويمكن ايراد الادلة والبراهين على ذلك فلولا ان هذا العالم مركب عن ما تحدث فيه الخيرات والشرور و يحصل من اهله الصلاح والفساد جميعا لما تم للعالم نظام اذ لو كان العالم لا يجرى فيه الا الصلاح المحض لم يكن هذا العالم عالما بل كان عالما آخر ولكان يجب ان يكون العالم مركبا على هذا الوجه والنظام، فانه يجرى فيه الصلاح والفساد جميعا.
والمقدمة الثانية: ان القدماء عندهم ان الثواب حصول لذة للنفس بقدر ما حصل لها من الكمال وان العقاب حصول ألم للنفس بقدر ما يحصل لها من النقص، فكان بقاء النفس في النقص هوالبعد عن الله وهو اللعنة والعقوبة والسخط والغضب فيحصل لها ألم بذلك النقص، وكمالها هوالمراد بالرضى عنها والزلفى والقرب والولاية فهذا معنى الثواب والعقاب عندهم لاغير.
والمقدمة الثالثة: هى ان المعاد انما هو عود النفوس البشرية الى عالمها ولهذا قال الله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية) (1) وهذه جمل تحتاج الى اقامة البراهين عليها.
فاذا تقرت (2) هذه المقدمات قلنا: ان الذى يقع في هذا العالم من الشرور في الظاهر فعلى