أما بادية العرب فلم تكن تخط بل كانت ترى الخط وصمة عار، وسمة عيب، كما هو شأنها في سائر الصناعات المدنية (1).
فهذا جزاف من القول، يتنافى والذوق البشري، وحب الخلود عند الإنسان، والحقيقة التي عرفناها عن العرب قبل الإسلام، وإن عدم الكتابة الذي شاع بينهم فهو على أثر التخلف، لا حبا في الأمية وتباهيا بها! إلا جهلا وعصبية وغرورا!
وأين هذا من الإسلام؟ وإشادته بالعلم والكتابة؟ وتأكيده على محو الأمية؟!
ومن المهين للمسلمين - والعرب منهم - أن تنسب إليهم كراهة الكتابة، بهدف فصلهم عن عرف العقلاء ذلك الذي بيناه، وإبعادهم عن أهم عناصر الحضارة، بينما نجد خلاف ذلك عند العرب أنفسهم، فإنهم كانوا يسمون باسم (الكامل) من كان يعرف الكتابة، ويحسن الرمي، ويجيد السباحة (2).
ولئن نقل عن واحد من شعرائهم - وهو ذو الرمة - قوله - عن الكتابة -: إنها عيب عندنا! ويطلب كتمانها عليه (3).
مع أن كلامه ليس حجة على أمة كاملها، فالوجه فيه أن ذلك يتنافى