المعارف المصرية، أن المنذر بن ماء السماء ملك المناذرة المعاصر لعبد المطلب، والذي كان أعظم ملك وثني في العرب، قد أسر ابن الحارث بن شمر ملك الغساسنة النصراني في حربه معه، فذبحه قربانا للعزى!!
فلعل نذر عبد المطلب أن يذبح واحدا من أولاده لرب البيت سبحانه، كان تعزيزا لدين إبراهيم، وردا على عمل المنذر، وإبطالا لتأثير عمله في تعزيز مكانة صنم العزى!
وأخيرا، فإن نذر عبد المطلب رضوان الله عليه لم يكن ارتجالا بل امتد وقته طويلا، فقد ذكرت الروايات أنه كان في أيام رؤيته الصادقة في حفر زمزم، وكان له ولد واحد، فنذر إن رزقه الله عشرة أولاد وكبروا أن يذبح واحدا منهم قربانا لله تعالى .. وقد يكون نذره تحقق بعد عشرين سنة أو ثلاثين!
رابعا: إن خصوم عبد المطلب أحرص الناس على أن يجدوا له مذمة أو منقصة، وقد رأيت في رواية الحاكم المتقدمة أن معاوية ذكر نذر عبد المطلب، وأنه كان نذرا لله تعالى مرتبطا بأمر الله له بحفر زمزم (قال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا: أرض ربك وافد ابنك).
فقد كان الأمر بحفر زمزم أمرا من الله تعالى وقد انكشفت صحته.. وهذا يقرب أن يكون النذر لله تعالى بأمره سبحانه، ويشير إليه أن عبد المطلب أخذ أولاده العشرة إلى داخل الكعبة وأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله ورضي عبد الله بها واستعد للذبح مختارا، وقرر عبد المطلب تنفيذ ذلك كما قرر جده إبراهيم.. ولكن أسرته ومحبيه من قريش وأخوال عبد الله طلبوا منه أن يرضي ربه بفدائه، فتريث عبد المطلب يومه حتى أمره الله بطريقته التي كان يتلقى بها أن يقرع بين عبد الله وبين فدائه من الإبل، ويزيد في عدد الفداء حتى تخرج القرعة عليه فيفديه به.
إنه لو كان في عمل عبد المطلب منقصة لشنعوا بها عليه، ولكنها كرامة زادت من