الذبيحين قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام) وعبد الله بن عبد المطلب.
أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم: فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر (ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت) ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش أملح يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد ويبول ويبعر في سواد وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما وما خرج من رحم أنثى وإنما قال الله عز وجل له كن فكان ليفدي به إسماعيل فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين.
وأما الآخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عز وجل أن يرزقه عشرة بنين ونذر لله عز وجل أن يذبح واحدا منهم متى أجاب الله دعوته فلما بلغوا عشرة أولاد قال: قد وفى الله لي فلأفين لله عز وجل فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان أحب ولده إليه ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله فأخذه وحبسه وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش ومنعته من ذلك واجتمع نساء عبد المطلب يبكين ويصحن فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه أعذر فيما بينك وبين الله عز وجل في قتل ابنك: قال:
فكيف أعذر يا بنية فإنك مباركة قالت: إعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الإبل وأعط ربك حتى يرضى. فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها وعزل منها عشرا وضرب السهام فخرج سهم عبد الله فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الإبل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة فقال عبد المطلب لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثا كل ذلك يخرج السهم على الإبل فلما كان في الثالث اجتذبه الزبير وأبو طالب وإخوانه من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض وأقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب وأمر