المؤودة، ونكاح المحارم، وإتيان البيوت من ظهورها، وطواف البيت عريانا وحكمه بوجوب الوفاء بالنذر، وتعظيم الأشهر الحرم، وبالمباهلة بمائة إبل في الدية. ثم تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك الغائلة المهلكة المهدمة، كيف حفظ بحسن تدبيره وسديد رأيه قومه ودماءهم وأموالهم من الدمار والبوار، دون أي مؤونة، وقال: أنا رب الإبل ولهذا البيت رب يمنعه، مع أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف يصح أن يقال: إنه نذر أن يذبح سليله وثمرة مهجته وقرة عينه قربة إلى الله سبحانه، وأن يتقرب بفعل منهي عنه في جميع الشرايع، والقتل من أشنع الأمور وأقبحها، والعقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا إلى كل ذلك أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين والصابئين، وقد ذكره الله تعالى في جملة ما شنع به على المشركين، وقال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من بدعهم ومفترياتهم: كذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون.
الأنعام - 137.
وهذا غير مسألة الوأد المعروف الذي كان بنو تميم من العرب يعلمون به، فإن المفهوم من ظاهر لفظ الأولاد أعم من المذكور منهم والبنات، والوأد مخصوص بالبنات، وأيضا غير قتلهم أولادهم من إملاق أو خشيته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل التقرب إلى الآلهة.
فإن قيل: لعله كان مأمورا من جانب الله سبحانه كما كان جده إبراهيم (عليه السلام) مأمورا؟
قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات، فإنه صرح في جميعها بأنه نذر مضافا إلى أنه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه ويجب عليه أن يفعله كما أمر، فكيف فداه بالإبل ولم لم يقل في جواب من منعه كما في الروايات: إني مأمور بذلك.
وبالجملة في طرق هذه القصة وما شاكلها مثل خبر (أنا ابن الذبيحين) رواه