جماعة كانوا ضعفاء أو مجهولين أو مهملين، أو على غير مذهبنا مثل أحمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة، وهو زيدي جارودي أو أحمد بن الحسن القطان، وهو شيخ من أصحاب الحديث عامي ويروي عنه المؤلف في كتبه بدون أن يردفه بالترضية، مع أن دأبه أن يتبع مشايخه بها إن كانوا إمامية، وكذا محمد بن جعفر بن بطة الذي ضعفه ابن الوليد وقال: كان مخلطا فيما يسنده، وهكذا عبد الله بن داهر الأحمري وهو ضعيف كما في الخلاصة والنجاشي، وأبو قتادة ووكيع بن الجراح وهما من رجال العامة ورواتهم ولا يحتج بحديثهم إذا كان مخالفا لأصول المذهب، وإن كانوا يسندون خبرهم إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
وإنك إذا تتبعت أسانيد هذه القصة وما شابهها ما شككت في أنها من مفتعلات القصاصين ومخترعاتهم نقلها المحدثون من العامة لجرح عبد المطلب ونسبة الشرك والعياذ بالله إليه، رغما للإمامية حيث أنهم نزهوا آباء النبي (صلى الله عليه وآله) عن دنس الشرك.
ويؤيد ذلك أن كثيرا من قدماء مفسريهم كالزمخشري والفخر الرازي والنيشابوري وأضرابهم، والمتأخرين كالمراغي وسيد قطب وزمرة كبيرة منهم، نقلوا هذه القصة أو أشاروا إليها عند تفسير قوله تعالى: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم، وجعلوا عبد المطلب مصداقا للآية انتصارا لمذهبهم الباطل في اعتقاد الشرك في آباء النبي (صلى الله عليه وآله) وأجداده.
قال العلامة المجلسي (رحمه الله): اتفقت الإمامية رضوان الله عليهم على أن والدي الرسول (صلى الله عليه وآله) وكل أجداده إلى آدم (عليه السلام) كانوا مسلمين بل كانوا من الصديقين إما أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين ثم نقل عن الفخر الرازي أنه قال: قالت الشيعة إن أحدا من آباء الرسول (صلى الله عليه وآله) وأجداده ما كان كافرا. ثم قال: نقلت ذلك عن إمامهم الرازي ليعلم أن اتفاق الشيعة على ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين.
وإن قيل: لا ملازمة بين هذا النذر وبين الشرك، ويمكن أن يقال إن نذر عبد المطلب كان لله، وأما المشركون فنذروا لآلهتهم.