ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال (؟!) وبهذه الزيادة يتضح أن هذه القصة سبب نزول: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فإن المساءة في حق هذا جاءت صريحة بخلافها في حق عبد الله بن حذافة، فإنها بطريق الجواز أي لو قدر أنه في نفس الأمر لم يكن لأبيه، فبين أباه الحقيقي لافتضحت أمه، كما صرحت بذلك أمه حين عاتبته على هذا السؤال، كما تقدم في كتاب الفتن.
قوله: فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب.. بين في حديث أنس أن الصحابة كلهم فهموا ذلك، ففي رواية هشام فإذا كل رجل لافا رأسه في ثوبه يبكي، وزاد في رواية سعيد بن بشير: وظنوا أن ذلك بين يدي أمر قد حضر! وفي رواية موسى بن أنس عن أنس الماضية في تفسير المائدة: فغطوا رؤوسهم ولهم حنين.. زاد مسلم من هذا الوجه: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان أشد منه!
قوله: فقال إنا نتوب إلى الله عز وجل.. زاد في رواية الزهري: فبرك عمر على ركبته فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. وفي رواية قتادة من الزيادة نعوذ بالله من شر الفتن. وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة: فقام إليه عمر فقبل رجله وقال رضينا بالله ربا فذكر مثله، وزاد: وبالقرآن إماما فاعف عفى الله عنك فلم يزل به... حتى رضي.
وفي هذا الحديث غير ما يتعلق بالترجمة مراقبة الصحابة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وشدة إشفاقهم إذا غضب خشية أن يكون لأمر يعم فيعمهم، وإدلال عمر عليه وجواز تقبيل رجل الرجل، وجواز الغضب في الموعظة، وبروك الطالب بين يدي من يستفيد منه، وكذا التابع بين يدي المتبوع إذا سأله في حاجة، ومشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شئ قد يظهر منه قرينة وقوعها، واستعمال المزاوجة في الدعاء في قوله اعف عفى الله عنك، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم