من كونه حقا على المتقين ومن وعيد لمن بدله.
ثم قال: " وبامكان الجمع بين الآيتين إذا قلنا أن الوصية في آية المواريث مخصوصة بغير الوارث بأن يخص القريب هنا بالممنوع من الإرث ولو بسبب اختلاف الدين، فإذا أسلم الكافر وحضرته الوفاة ووالداه كافران، فله أن يوصي لهما بما يؤلف به قلوبهما " (1).
ولا يخفى ما في صدر كلامه من الاتقان لولا ما تنازل في آخره وحاول الجمع بين الآيتين بتخصيص جواز الوصية لمن لا يرثان من الوالدين لسبب كالقتل والكفر والسرقة، إذ لقائل أن يسأل الإمام أنه إذا كان المراد من الوالدين والأقربين في آية الوصية هم الممنوعين من الوراثة، فما معنى هذا التأكيد والعناية البارزة في الآية مع ندرة المصداق أو قلته بالنسبة إلى غير الممنوعين، أوليس هذا أشبه بالتخصيص المستهجن فلا محيص عن القول بعموم الآية، لكل والد ووالدة وأقرب، ممنوعين كانوا أم غيره.
وأما ما يثيرون حول الايصاء للوالدين من كونه سببا لظهور العداء، فقد مر جوابه في صدر البحث وهنا نزيد ما ذكره ذلك الإمام بقوله:
وجوز بعض السلف الوصية للوارث نفسه بأن يخص بها من يراه أحوج من الورثة كأن يكون بعضهم غنيا والبعض الآخر فقيرا. مثال ذلك أن يطلق أبوه أمه وهو غني، ولا عائل لها إلا ولدها، ويرى أن ما يصيبها من التركة لا يكفيها، ومثله أن يكون بعض ولده أو إخوته - إن لم يكن له ولد - عاجزا عن الكسب فنحن نرى أن الحكيم الخبير اللطيف بعباده، الذي وضع الشريعة والأحكام لمصلحة خلقه، لا