يحكم أن يساوي الغني الفقير. والقادر على الكسب من يعجز عنه، فإذا كان قد وضع أحكام المواريث العادلة على أساس التساوي بين الطبقات باعتبار أنهم سواسية في الحاجة كما أنهم سواء في القرابة، فلا غرو أن يجعل أمر الوصية مقدما على أمر الإرث... ويجعل الوالدين والأقربين في آية أخرى أولى بالوصية لهم من غيرهم لعلمه سبحانه وتعالى بما يكون من التفاوت بينهم في الحاجة أحيانا، فقد قال في آيات الإرث في سورة النساء: * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) * فأطلق أمر الوصية وقال في آية الوصية هنا ما هو تفصيل لتلك.
لقد بان الحق مما ذكرنا وان الذكر الحكيم أعطى للإنسان حق الايصاء للوالدين لمصالح هو أعرف بها، على حد لا يتجاوز الثلث، وليكون ايصاؤه أيضا على حد المعروف.
ويؤيده اطلاق قوله سبحانه في ذيل آية المواريث قال سبحانه: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا) * (الأحزاب / 7). ويريد من الذيل الاحسان في الحياة والوصية عند الموت فإنه جائز (1) وإطلاقه يعم الوارث وغيره.
والله سبحانه هو العالم بمصالح العباد، فتارة يخص بعض الوراث ببعض التركة عن طريق تنفيذ الوصية ما لم تتجاوز الثلث، وأخرى يوصي لغير الوارث