بعد وصية يوصى بها أو دين) * (1) وفي موردين آخرين: * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) * (2) فلا موضوع للنسخ ولا للتخصيص.
وقد تفطن القرطبي لبعض ما ذكرنا وقال: ولولا هذا الحديث لأمكن الجمع بين الآيتين بأن يأخذوا المال عن المورث بالوصية، وبالميراث إن لم يوص، أو ما بقي بعد الوصية، لكن منع من ذلك هذا الحديث والإجماع (3).
أقول: أما الاجماع، فغير متحقق، وكيف يكون كذلك مع أن أئمة أهل البيت - كما سيوافيك - اتفقوا على جوازه وكذلك فقهاء الإمامية طوال القرون وهم ثلث المسلمين، وبعض السلف كما يحدث عنه صاحب المنار، وأما الحديث فسيوافيك ضعفه، وأنه على فرض الصحة سندا، قابل للتأويل والحمل على ما زاد الايصاء عن الثلث.
الثاني: إن ادعاء النسخ أو التخصيص في الآية، بآية المواريث، متوقف على تأخر الثانية عن الا ولى وأنى للقائل بهما اثباته، بل لسان آية الوصية بما فيها من التأكيد لأجل الإتيان بلفظ * (كتب) * وتوصيفه بكونه حقا على المؤمنين يأبى عن كونه حكما مؤقتا لا يدوم إلا شهرا أو شهور.
قال الإمام عبده: إنه لا دليل على أن آية المواريث نزلت بعد آية الوصية هنا فان السياق ينافي النسخ، فان الله تعالى إذا شرع للناس حكما وعلم أنه مؤقت وأنه سينسخه بعد زمن قريب فإنه لا يؤكده ولا يوثقه بمثل ما أكد به أمر الوصية هنا