ومنذ سنوات قدم قضاتها مشروعا إلى الحكومة يجيز الوصية للوارث ورغبوا إليها في تبنيه (1).
يلاحظ على ما ذكره ابن قدامة من الحكمة: أنها لا تقاوم الذكر الحكيم، واتفاق أئمة أهل البيت، ولو صحت لزم تحريم تفضيل بعضهم على بعض في الحياة في البر والإحسان، لأن ذلك يدعو إلى الحسد والبغضاء مع أنه لا خلاف في جوازه، وما نقل عن النبي من النهي، فهو محمول على التنزيه لا التحريم إذ لم يقل أحد بحرمة التفضيل في الحياة. والعجب استدلال من ينكر التحسين والتقبيح العقليين، بهذه الحكم والمصالح التي لا يدركها إلا العقل، مع أنه بمعزل عندهم عن إدراكهما عند أصحاب المذاهب الأربعة، وسيوافيك الكلام فيما تصور من الحكمة.
والأولى عرض المسألة على الكتاب والسنة، أما الكتاب فيكفي في جواز الوصية قوله سبحانه: * (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) * (البقرة / 180).
المراد من حضور الموت: ظهور أماراته من المرض والهرم وغيره، ولم يرد إذا عاين ملك الموت، لأن تلك الحالة تشغل الإنسان عن الوصية، وأيضا يجب أن يراعى جانب المعروف في مقدار الوصية والموصى له، فمن يملك المال الكثير إذا أوصى بدرهم فلم يوص بالمعروف، كما أن الايصاء للغني دون الفقير خارج عن المعروف، فان المعروف هو العدل الذي لا ينكر، ولا حيف فيه ولا جور.
والآية صريحة في الوصية للوالدين، ولا وارث أقرب للإنسان من والديه،