على هذا الظن بعد حصوله)!!
وقال في المستصفى ص 353: (الأمارات الظنية ليست أدلة بأعيانها، بل يختلف ذلك بالإضافات، فرب دليل يفيد الظن لزيد وهو بعينه لا يفيد الظن لعمرو مع إحاطته به، وربما يفيد الظن لشخص واحد في حال دون حال، بل قد يقوم في حق شخص واحد في حال واحدة في مسألة واحدة دليلان متعارضان، كان كل واحد لو انفرد لأفاد الظن، ولا يتصور في الأدلة القطعية تعارض.
وبيانه: أن أبا بكر رأى التسوية في العطاء إذ قال: الدنيا بلاغ، كيف وإنما عملوا لله عز وجل وأجورهم على الله، حيث قال عمر: كيف نساوي بين الفاضل والمفضول، ورأى عمر التفاوت ليكون ذلك ترغيبا في طلب الفضائل، ولأن أصل الإسلام وإن كان لله فيوجب الاستحقاق. والمعنى الذي ذكره أبو بكر فهمه عمر رضي الله عنهما، ولم يفده غلبة الظن، وما رآه عمر فهمه أبو بكر ولم يفده غلبة الظن ولا مال قلبه إليه، وذلك لاختلاف أحوالهما، فمن خلق خلقة أبي بكر في غلبة التأله وتجريد النظر في الآخرة، غلب على ظنه لا محالة ما ظنه أبو بكر، ولم ينقدح في نفسه إلا ذلك، ومن خلقه الله خلقة عمر وعلى حالته وسجيته في الالتفات إلى السياسة ورعاية مصالح الخلق وضبطهم وتحريك دواعيهم للخير، فلا بد أن تميل نفسه إلى ما مال إليه عمر مع إحاطة كل واحد منهما بدليل صاحبه). انتهى.
وقصد الغزالي أن النبي صلى الله عليه وآله ساوى بين المسلمين في العطاء لظنه، وأبو بكر اتبع النبي صلى الله عليه وآله وساوى بينهم في العطاء لظنه، لكن عمر ميز بينهم لظنه أيضا، وكون منهم طبقة ثرية. فالظن الذاتي حجة عندهم مهما اختلفت ذوات الظانين، وكله صواب، وكله دين الله تعالى!!
لكن المساواة في العطاء حكم شرعي وليست اجتهادا من النبي صلى الله عليه وآله كما زعم،