ألف سؤال وإشكال - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ٢ - الصفحة ٥١٤
الأعصار إلا نقل الآحاد لم يبق على حد التواتر ولا يورث العلم إلا ما تواتر، ولكن الآحاد لفظها يتطرق الاحتمال والتأويل إليه فلا يحصل العلم بآحادها، وإلى ما هي قرائن أحوال يعسر وصفها ونقلها، فلم ينقل إلينا، فكفينا مؤونة البحث عن المستند لما علمناه من التواتر من إجماعهم، ونحن مع هذا نشبع القول في شرح مستندات الصحابة والألفاظ التي هي مدارك تنبيهاتهم للتعبد بالقياس، وذلك من القرآن، وقوله تعالى: فاعتبروا يا أولي الأبصار... الخ.). انتهى.
أقول: كلام الغزالي هذا نموذج لكلامهم المتهافت في الموضوع! فهو يقوم على دعويين فاسدتين: الأولى: أن فعل الصحابة واجب الاتباع، حتى لو خالف قولهم الصريح الصحيح! وخالف نص القرآن الصريح!
والثانية: أن الصحابة أجمعوا عمليا على العمل بالرأي والظن، وإجماعهم إجماع الأمة، وهو حجة ولا نسأل عن دليله، بل يجب اتباعه حتى لو كان إجماعا على اختراع شريعة! وهذا معنى قوله: (إن هذه مؤونة كفيناها، فإنهم مهما أجمعوا على القياس فقد ثبت بالقواطع أن الأمة لا تجتمع على الخطأ، بل لو وضعوا القياس واخترعوه استصوابا برأيهم ومن عند أنفسهم لكان ذلك حقا واجب الاتباع)!! انتهى.
وهذا تغميض هذا للعيون، وإفراط في اتباع الصحابة، حتى لو خالفوا القرآن والرسول صلى الله عليه وآله، وناقضوا أنفسهم، وأسسوا دينا جديدا!
كما أنه إعراض عن تحريم العترة النبوية للظنون في الدين، وهم صحابة وعترة؟! فعن أي إجماع يتحدث عنه الغزالي وأهل البيت عليهم السلام مخالفون له؟!
واي إجماع هذا، وقد نقل بعض كبار علمائهم الإجماع على ضده؟!
قال الرازي في المحصول: 5 / 104: (وأما إجماع الصحابة، فهو أنه نقل عن كثير منهم التصريح بذم القياس على ما تقدم بيانه، ولم يظهر من أحد منهم الإنكار على ذلك الذم، وذلك يدل على انعقاد الإجماع على فساد القياس.
فإن قلت: هذا معارض بأنه نقل عنهم أنهم اختلفوا في مسائل مع أنه لا طريق لهم إلى تلك المذاهب إلا القياس.
قلت: ما ذكرناه أولى، لأن التصريح راجح على ما ليس بتصريح.
وأما إجماع العترة، فلأنا كما نعلم بالضرورة بعد مخالطة أصحاب النقل، أن مذهب الشافعي رضي الله عنه وأبي حنيفة ومالك رحمهما الله القول بالقياس، فكذا نعلم بالضرورة أن مذهب أهل البيت كالصادق والباقر إنكار القياس. وقد تقدم في باب الإجماع أن إجماع العترة حجة). انتهى.
ثم أي منطق هذا في تصحيح عمل شخص أو جماعة بالظن، وقد نهى عنه القرآن والسنة والعقل، بأن دليلهم موجود لكنه ضاع ولم يصلنا؟!
أنظر إلى قوله: (نعلم أنهم قالوا ذلك عن مستندات كثيرة خارجة عن الحصر..... لكن انقسمت تلك المستندات إلى ما اندرس فلم ينقل.... ولكن لم يبق في هذه الأعصار إلا نقل الآحاد... وإلى ما هي قرائن أحوال يعسر وصفها ونقلها، فلم ينقل إلينا...). انتهى.
فقد اعترف بعدم وجود دليل على عمل الصحابة بالظن، لكنه افترض أنه موجود وقد ضاع نصفه فلم يصل الينا! وكان نصفه الآخر قرائن اعتمدوا عليها لا يمكن وصفها ونقلها الينا!
وهذا كله رجم بالغيب، يفترض في الصحابة العصمة وأنهم لا يخطئون!!
أقوى أدلتهم على القياس.. مضحك!
أصل حجتهم على القياس والعمل بالظنون، عمل الخلفاء خاصة عمر بن الخطاب، لكنهم أرادوا أن يبرروا ذلك ويجدوا أدلة من الكتاب والسنة، فوقع نظرهم على قوله تعالى (فاعتبروا يا أولي الأبصار) فقالوا الحمد لله إن معناها فقيسوا يا أولي الأبصار!!
والآية هي الثانية من سورة الحشر، نزلت في حشر اليهود الأول، قال تعالى: سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم. هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ومعنى الآية: خذوا العبرة من مصير بني قريظة، وإرادة الله الماضية فيهم وفي أمثالهم: كيف تحزبوا على النبي صلى الله عليه وآله مع الأحزاب، ولما انهزم الأحزاب قذف الله في قلوبهم الرعب فاستسلموا، فخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين!
فأين القياس الذي يريدونه من الآية، قياس أمر على آخر وإعطاؤه حكمه لمجرد الظن أنه يشبهه، والظن أنه يشترك معه في العلة؟!
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل السابع عشر: أهل السنة.. ضد السنة! المسألة 110: جريمة تغييب سنة النبي صلى الله عليه وآله 13
2 المسألة 111: تدوين السنة حرام والأحوط شرعا إحراق السنة 17
3 المسألة 112: تواضع عمر للصحابة لكي ينفذوا قراره 21
4 المسألة 113: التحديث عن النبي صلى الله عليه وآله حرام. وعقوبته الإقامة الجبرية! 24
5 المسألة 114: السبب الحقيقي لتغييب أبي بكر وعمر سنة النبي صلى الله عليه وآله! 26
6 المسألة 115: تفنيد ما زعموه من أعذار لتغييب السنة! 29
7 المسألة 116: دفاع ابن حبان عن أبي بكر وعمر في تغييب السنة؟ 33
8 المسألة 117: دفاع الذهبي عن أبي بكر وعمر في تغييب السنة 37
9 المسألة 118: إعطاؤهم عمر حق النقض على أحاديث النبي صلى الله عليه وآله!! 45
10 المسألة 119: أحاديث غيبوها عن البحث من أجل تبرير تغييب السنة! 50
11 المسألة 120: أحاديث وجوب طلب العلم. 54
12 المسألة 121: آيات وأحاديث النهي عن كتمان العلم 58
13 المسألة 122: أحاديث وجوب التبليغ والتحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله 64
14 المسألة 123: أحاديث: من حفظ على أمتي أربعين حديثا 67
15 المسألة 124: متى تم الإفراج عن تدوين السنة وبأي شروط؟! 70
16 المسألة 125: كيف صار الرافضون سنة النبي صلى الله عليه وآله أهل السنة والجماعة! 77
17 المسألة 126: المعنى الأصلي لأهل السنة والجماعة: أهل سنة عمر وجماعة معاوية! 80
18 المسألة 127: من هم أهل أهل سنة النبي صلى الله عليه وآله وأهل جماعة الإسلام 87
19 المسألة 128: أقدم نص ورد فيه اسم (أهل السنة والجماعة) 96
20 المسألة 129: موقف أهل البيت عليهم السلام من تغييب السنة 100
21 الفصل الثامن عشر تهوك المخالفين لأهل البيت الطاهرين عليهم السلام المسألة 130: بماذا تفسرون إعجاب عمر بأحبار اليهود وثقافتهم؟ 105
22 المسألة 131: بماذا تفسرون المكانة التي أعطاها عمر لكعب الأحبار؟ 109
23 المسألة 132: بماذا تفسرون المكانة التي أعطاها عمر لتميم الداري؟ 112
24 المسألة 133: هل تثقون بالحاخامات والقساوسة وتطلبون منهم الدعاء؟ 116
25 المسألة 134: احترام عمر وأتباعه للتوراة المحرفة! 117
26 المسألة 135: اليهود نسبوا الصفات البشرية المادية إلى الله تعالى! 126
27 المسألة 136: مذهب أهل البيت عليهم السلام أبعد المذاهب عن الثقافة اليهودية 133
28 الفصل التاسع عشر الطعن في عصمة الأنبياء والإنتقاص من مقامهم عليهم السلام المسألة 137: نؤمن بالعدالة المطلقة لله تعالى والعصمة التامة للأنبياء والأئمة عليهم السلام 147
29 الفصل العشرون قرشيات البخاري في الطعن بنبينا صلى الله عليه وآله أسوأ من الإسرائيليات! المسألة 138: مقارنة بين مقام نبينا صلى الله عليه وآله في مذهب أهل البيت الطاهرين عليهم السلام وغيره 173
30 المسألة 139: البخاري نموذجا للطعن في عصمة نبينا صلى الله عليه وآله والإنتقاص من مقامه! 176
31 المسألة 140: افتتح البخاري صحيحه بالطعن في النبي صلى الله عليه وآله واتهمه بأنه كان يشك في نبوته! 180
32 المسألة 141: افترى البخاري على نبينا صلى الله عليه وآله بأنه يئس وقرر الانتحار! 190
33 المسألة 142: البخاري يروي قصة الغرانيق ويفتري على نبينا صلى الله عليه وآله بأنه مدح الأصنام!! 195
34 المسألة 143: زعمت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قد سحر! 211
35 الفصل الحادي والعشرون طعنهم في عصمة نبينا صلى الله عليه وآله وتفضيل بعض أصحابه عليه! المسألة 144: الأخطاء النبوية.. والتصحيحات العمرية! 221
36 المسألة 145: افتروا على النبي صلى الله عليه وآله بأنه كان يشتم ويلعن ويؤذي ويضرب! بعكس عمر!! 225
37 المسألة 146: زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعمل بالظن وينطق عن الهوى، وبعكس عمر 244
38 المسألة 147: زعموا أن النبي صلى الله عليه بأنه ساذج، لم يسمع بتلقيح النخل فخرب الموسم! 258
39 المسألة 148: زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بقطع كروم الطائف ونخيل خيبر.. فوبخه عمر! 267
40 المسألة 149: زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله أمر المسلمين بذبح جمال جيش تبوك.. فوبخه عمر! 269
41 المسألة 150: ورووا أن النبي صلى الله عليه وآله تأخر عن صلاة العشاء فصاح به عمر! 271
42 المسألة 151: زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس فأيقظه عمر! 272
43 المسألة 152: زعموا أن عمر انشغل فصلى آخر الوقت وأن النبي صلى الله عليه وآله انشغل ففاتته الصلاة 276
44 المسألة 153: منهجهم في تعظيم عمر وتكبير شخصيته 290
45 المسألة 154: اتهموا النبي صلى الله عليه وآله بأنه كان يذبح للأصنام، وأن ابن عم عمر أتقى منه! 294
46 المسألة 155: زعموا أن عمر أمر النبي صلى الله عليه وآله أن يحجب نساءه، فلم يطعه فنزل الوحي! 300
47 المسألة 156: اعتراض عمر على النبي صلى الله عليه وآله لماذا أعطى قوما من غنائم حنين! 327
48 المسألة 157: اعتراض عمر على نبينا صلى الله عليه وآله لصلاته على جنازة منافق! 329
49 المسألة 158: قصة أسرى بدر التي زعم عمر أنه أصاب فيها، وأن النبي صلى الله عليه وآله أخطأ! 355
50 المسألة 159: انقلاب الأمة على النبي صلى الله عليه وآله في حياته بقيادة عمر! 369
51 المسألة 160: قول عمر عندهم سنة مطاعة، يردون به سنة النبي صلى الله عليه وآله!! 396
52 المسألة 161: محمد هو النبي الفعلي. لكن عمر أيضا له درجة النبوة! 400
53 المسألة 162: تعظيمهم لأي خليفة قرشي وتفضيله على الرسول الهاشمي صلى الله عليه وآله!! 404
54 الفصل الثاني والعشرون منهج مفسري الخلافة في الانتقاص من شخصية النبي صلى الله عليه وآله المسألة 163: تفسيرهم قوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم، واتهامهم النبي صلى الله عليه وآله باتباع الظن! 421
55 المسألة 164: نسبتهم القسوة إلى النبي صلى الله عليه وآله لتبرير قسوة حكامهم!! 435
56 الفصل الثالث والعشرون صور من قسوة الحكام التي أرادوا تبريرها بنسبتهم القسوة إلى النبي صلى الله عليه وآله المسألة 165: أبو بكر أحرق شخصا أو اثنين بالنار، وأبو موسى ومعاذ حللاه! 457
57 المسألة 166: وعصموا الصحابة والأمة من أجل أبي بكر وعمر! وعصموهما مقابل الصحابة! 473
58 الفصل الرابع والعشرون تأسيس دين الظنون هو الهدف من اتهامهم النبي صلى الله عليه وآله بالعمل بالظن! المسألة 167: الإسلام دين العلم واليقين، لا دين الظنون والاحتمالات 485