يسمى أصلا، وموضع الآخر يسمى فرعا، والمشترك جامعا وعلة، وهي إما مستنبطة أو منصوصة. وقد أطبق أصحابنا على منع العمل بالمستنبطة إلا من شذ، وحكى إجماعهم فيه غير واحد منهم، وتواترت الأخبار بإنكاره عن أهل البيت عليهم السلام، و بالجملة فمنعه يعد في ضروريات المذهب.
وأما المنصوصة: ففي العمل بها خلاف بينهم، فظاهر المرتضى رضي الله عنه المنع منه أيضا. وقال المحقق رحمه الله: إذا نص الشرع على العلة، وكان هناك شاهد حال يدل على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة في ثبوت الحكم، جاز تعدية الحكم، وكان ذلك برهانا.
وقال العلامة: الأقوى عندي أن العلة إذا كانت منصوصة وعلم وجودها في الفرع كانت حجة. واحتج في النهاية لذلك بأن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الخفية والشرع كاشف عنها، فإذا نص على العلة عرفنا أنها الباعثة والموجبة لذلك الحكم، فأين وجدت وجب وجود المعلول). انتهى.
وقال المحقق الحلي في معارج الأصول ص 188: (العمل بالقياس عمل بالظن والعمل بالظن غير جائز. أما الأولى فظاهرة، وأما الثانية: فبقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم. وبقوله: إن الظن لا يغني من الحق شيئا. وبقوله: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
لا يقال: مع وجود الدلالة عليه لا يكون عملا بالمظنون بل بالمقطوع به، كالعمل بالشاهدين، والحكم بالأرش، واستقبال القبلة.
لأنا نقول: وجد المنع فوجب طرده، فإذا خرج ما أشرتم إليه وجب تناوله لما بقي، عملا بمقتضى الدليل، وسنبطل ما يزعمون أنه دليل على العمل به، فيبقى ما ذكرناه من الدليل سليما عن المعارض). انتهى.