عرفت أنه من ضروريات العقل فضلا عن تطابق الأدلة الثلاثة النقلية عليه.
وإن أريد دلالتها على حرمة العمل المطابق للظن، وإن لم يكن عن استناد إليه: فإن أريد حرمته إذا خالف الواقع مع التمكن من العلم به، فيكفي في ذلك الأدلة الواقعية. وإن أريد حرمته إذا خالف الأصول مع عدم التمكن من العلم، فيكفي فيه أيضا أدلة الأصول، بناء على ما هو التحقيق من أن مجاريها صور عدم العلم الشامل للظن.
وإن أريد حرمة العمل المطابق للظن من دون استناد إليه وتدين به، وعدم مخالفة العمل للواقع مع التمكن منه، ولا لمقتضى الأصول مع العجز عن الواقع، فلا دلالة فيها ولا في غيرها على حرمة ذلك، ولا وجه لحرمته أيضا.
والظاهر أن مضمون الآيات هو التعبد بالظن والتدين به، وقد عرفت أنه ضروري التحريم، فلا مهم في إطالة الكلام في دلالة الآيات وعدمها، إنما المهم الموضوع له هذه الرسالة، بيان ما خرج أو قيل بخروجه من هذا الأصل، من الأمور الغير العلمية التي أقيم الدليل على اعتبارها، مع قطع النظر عن انسداد باب العلم). انتهى.
وقال السيد الخوئي في كتاب الإجتهاد والتقليد ص 23: (والمتحصل إلى هنا أن الإجتهاد بمعنى تحصيل الظن بالحكم الشرعي كما يراه المحدثون بدعة وضلال إلا أن الأصوليين لا يريدون إثباته وتجويزه، ولا يدعون وجوبه ولا جوازه بوجه بناء على عدم تمامية مقدمات الانسداد، كما هو الصحيح.
وأما الإجتهاد بمعنى تحصيل الحجة على الحكم الشرعي، فهو أمر لا يسع المحدث إنكاره وهو الذي يرى الأصولي وجوبه. فما أنكره المحدثون لا يثبته الأصوليون، كما أن ما يريد الأصوليون إثباته، لا ينكره المحدثون. إذن يظهر