وإن كان حجة في حق المكلف، لكنه حكم ظاهري لحالته، قد يطابق حكم الله الواقعي، وقد يخالفه.
السادسة: أن الأصل القرآني والعقلي عدم حجية الظن مهما كان مصدره وصاحبه، إلا إذا نصت الشريعة على اعتباره وحجيته، تسهيلا على الناس، كظن الشاك في جهة القبلة، والظن في عدد ركعات الصلاة، والظن في تخمين المحاصيل، وما شابه. فيعمل منه بالمنصوص، ولا يتجاوز إلى غيره، ويسمى: الظن المعتبر شرعا، وسنورد نماذج منه.
ألا يحق لهذا المنهج العلمي أن يقول: لسنا ظنيين ولا من أهل أرأيت في شئ!
قال الشريف المرتضى في رسائله: 1 / 201: (إعلم أنه لا بد في الأحكام الشرعية من طريق التوصل إلى العلم بها... ولهذه الجملة أبطلنا أن يكون القياس في الشريعة، الذي يذهب مخالفونا إليه، طريقا إلى الأحكام الشرعية، من حيث كان القياس يوجب الظن ولا يقتضي العلم).
وقال في ص 204: (وقد استقصينا الكلام في القياس وفرعناه وبسطناه وانتهينا فيه إلى أبعد الغايات، في جواب مسائل وردت من أهل الموصل متقدمة، أظنها في سنة نيف وثمانين وثلاثمائة، فمن وقف عليها استفاد منها جميع ما يحتاج إليه في هذا الباب).
وقال المحقق الحلي في المعتبر: 1 / 32: (وأما القياس فلا يعتمد عليه عندنا، لعدم اليقين بثمرته، فيكون العمل به عملا بالظن المنهي عنه، ودعوى الإجماع من الصحابة على العمل به لم يثبت، بل أنكره جماعة منهم).
وقال ابن الشهيد في المعالم ص 226: (القياس هو الحكم على معلوم بمثل الحكم الثابت لمعلوم آخر، لاشتراكهما في علة الحكم. فموضع الحكم الثابت