وفيهم سماعون لهم! ولذا قال عليه السلام أنه من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة:
الجواب الثاني لعدد من علمائنا قال الشريف المرتضى رحمه الله في تنزيه الأنبياء ص 160: (أما قوله تعالى: عفا الله عنك، فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب، ولا يمتنع أن يكون المقصود به التعظيم والملاطفة في المخاطبة، لأن أحدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه: أرأيت رحمك الله وغفر الله لك، وهو لا يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه، بل ربما لم يخطر بباله أن له ذنبا، وإنما الغرض الإجمالي في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره.
وأما قوله تعالى: لم أذنت لهم، فظاهره الاستفهام والمراد به التقريع واستخراج ذكر علة إذنه، وليس بواجب حمل ذلك على العتاب، لأن أحدنا قد يقول لغيره لم فعلت كذا وكذا، تارة معاتبا، وأخرى مستفهما، وتارة مقررا، فليس هذه اللفظة خاصة للعتاب والإنكار. وأكثر ما تقتضيه وغاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه صلى الله عليه وآله ترك الأولى والأفضل، وقد بينا أن ترك الأولى ليس بذنب، وإن كان الثواب ينقص معه، فإن الأنبياء عليهم السلام يجوز أن يتركوا كثيرا من النوافل). انتهى.
وقال الطوسي في تفسير التبيان: 5 / 226: (وقال أبو على الجبائي: في الآية دلالة على أن النبي صلى الله عليه وآله كان وقع منه ذنب في هذا الإذن، قال: لأنه لا يجوز أن يقال لم فعلت ما جعلت لك فعله؟ كما لا يجوز أن يقول لم فعلت ما أمرتك بفعله. وهذا الذي ذكره غير صحيح، لأن قوله عفا الله عنك إنما هي كلمة عتاب له صلى الله عليه وآله لم فعل ما كان الأولى به أن لا يفعله، لأنه وان كان له فعله من حيث لم يكن محظورا فإن الأولى أن لا يفعله، كما يقول القائل لغيره إذا رآه يعاتب أخا