له: لم عاتبته وكلمته بما يشق عليه؟ وإن كان له معاتبته وكلامه بما يثقل عليه. وكيف يكون ذلك معصية وقد قال الله في موضع آخر: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم، وإنما أراد الله أنه كان ينبغي أن ينتظر تأكيد الوحي فيه. ومن قال هذا ناسخ لذلك فعليه الدلالة). انتهى.
وقال الطبرسي في مجمع البيان: 5 / 60: (وهل كان هذا الإذن قبيحا أم لا؟ قال الجبائي: كان قبيحا، ووقع صغيرا، لأنه لا يقال في المباح لم فعلته، وهذا غير صحيح... الخ.).
وقال المجلسي في البحار: 17 / 46: (أقول: يجوز أن يكون إذنه صلى الله عليه وآله لهم حسنا موافقا لأمره تعالى، ويكون العتاب متوجها إلى المستأذنين الذين علم الله من قبلهم النفاق، أو إلى جماعة حملوا النبي صلى الله عليه وآله على ذلك كما مر مرارا، ومن هذا القبيل قوله تعالى: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله... (المائدة: 116) ولا تنافي بين كون استيذانهم حراما وإذنه صلى الله عليه وآله بحسب ما يظهرونه من الأعذار ظاهرا واجبا أو مباحا).
وقال الطباطبائي في تفسير الميزان: 9 / 285: (والآية كما ترى وتقدمت الإشارة إليه في مقام دعوى ظهور كذبهم ونفاقهم وأنهم مفتضحون بأدنى امتحان يمتحنون به. ومن مناسبات هذا المقام إلقاء العتاب إلى المخاطب وتوبيخه والإنكار عليه كأنه هو الذي ستر عليهم فضائح أعمالهم وسوء سريرتهم، وهو نوع من العناية الكلامية يتبين به ظهور الأمر ووضوحه، لا يراد أزيد من ذلك فهو من أقسام البيان على طريق: إياك اعني و اسمعي يا جارة. فالمراد بالكلام إظهار هذه الدعوى لا الكشف عن تقصير النبي صلى الله عليه وآله وسوء تدبيره في إحياء أمر الله، وارتكابه بذلك ذنبا حاشاه، وأولوية عدم الإذن لهم معناها كون عدم الإذن أنسب لظهور فضيحتهم، وأنهم أحق بذلك لما بهم من سوء السريرة وفساد النية،