تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون.
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا أنا معكم متربصون. (سورة التوبة: 38 - 52) هذه الآيات من سورة التوبة نزلت في غزوة تبوك حيث جمع الروم جيشا هناك لحرب النبي صلى الله عليه وآله فاستنفر المسلمين وقصدهم بنفسه، واستأذنه بعض المؤمنين وعدد من المنافقين أن يتخلفوا عنه مدعين أعذارا، فقبل منهم وأذن لهم. وفي تفسير القمي: 1 / 293: (والمستأذنون ثمانون رجلا من قبائل شتى).
وفي طريق عودة النبي صلى الله عليه وآله من تبوك نزلت سورة التوبة التي سميت الفاضحة للمنافقين عموما، ومنها هذه الآيات في فضح موقفهم من غزوة تبوك.
وقد تمسك مفسروهم بقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين. وقالوا إن إذن النبي صلى الله عليه وآله للمنافقين معصية منه لربه وقد خففها بعضهم فجعلها ذنبا صغيرا!
وأطلقوا العنان لخيالهم في ذنوب النبي صلى الله عليه وآله وأخطائه التي عاتبه الله عليها، فعفا عن بعضها، وعاقبه على بعضها كأسرى قريش في بدر!
قال السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول ص 104: (قوله تعالى: عفا الله عنك.. الآية. أخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون الأزدي قال: اثنتان فعلهما رسول الله (ص) لم يؤمر فيها بشئ: إذنه للمنافقين وأخذه الفداء من الأسارى، فأنزل الله: عفا الله عنك لم أذنت)!. انتهى.
واقتصر السيوطي على هذه الرواية وارتضاها، باعتبارها لب ما روي في سبب نزول الآية، كما أوردها عامة من فسر الآية وتبناها، أو ناقش فيها.
(راجع تفسير الطبري: 10 / 184، والدر المنثور للسيوطي: 3 / 247، وفتح القدير للشوكاني: 2 / 367،