خطاب كريم جميل: عفا الله عنك أيها النبي الرحيم حيث أذنت لهم بكرم أخلاقك، فتخلفوا عنك، ولو أنك لم تأذن لهم لرأيت عصيانهم ونفاقهم!
فصيغة: عفا الله عنك... ليس مصبها فعل النبي صلى الله عليه وآله، بل معناها أن ذات هؤلاء خبيثة، ولو لم تأذن لهم لكشفتها، فمن الآن فاكشفها وحذر المسلمين منهم!
ولذلك يصح استعمالها حتى لو كان قبلها آية في تخيير النبي صلى الله عليه وآله بالإذن لهم! فهي كقولك لولدك الذي سامح شخصا بدين له عليه بموافقتك، لادعائه أنه ليس عنده مال وأنه سيوفيه في المستقبل، فتقول لولدك أمام الناس أو بحضور الشخص: إنه رجل كاذب وعفا الله عنك لم سامحته، فلو لم تسامحه لا نكشف لك وللناس كذبه، فإن عاد فلا تسامحه واكشف كذبه.
وأين الذنب في كرم أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وإذنه لهم، وقد أستأذنه المنافقون من قبل في غزوة الأحزاب للمدينة وقال الله عنهم: ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا. (الأحزاب: 13) وأنزل عليه التخيير في الإذن للمؤمنين، وهو تخيير يشملهم لتظاهرهم بالإيمان، فقال في سورة النور: فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم..؟! وغزوة الأحزاب سنة أربع أو خمس للهجرة، وغزوة تبوك سنة تسع للهجرة؟!!
الجواب الرابع لا يمكن لنا أن نقبل أن النبي صلى الله عليه وآله قد عصى ربه أو عاتبه ربه على شئ، بعد أن قال عنه سبحانه: وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فالذي لا ينطق كلمة عن هوى، لا يمكن أن يفعل فعلا عن هوى؟!!
الجواب الخامس أخبر الله تعالى بأنه هو الذي ثبطهم عن النفر من النبي صلى الله عليه وآله لأنه كره انبعاثهم!