وبما أن الوصية التي تريد أن تكتبها تتنافى مع هذا القرار، فقد قلت للحاضرين بلسان كل قريش: لا تقربوا له دواة ولا قرطاسا! فخير لك أن تصرف النظر عن كتابة الوصية، وإلا فإني سأشهد الحاضرين عليك بأنك تهجر، وأن كلامك لم يعد وحيا!!
أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فلم يعد عمر مضطرا لأن يجرح شعور النبي صلى الله عليه وآله، بل يمكنه أن يعمل لأهدافه بأسلوبه الخاص الذي يسميه معاريض الكلام فيقول عنه: (لا يسرني أن لي بما أعلم من معاريض القول مثل أهلي ومالي) (سنن البيهقي: 10 / 199) وبهذه المعاريض عمل لضبط القرآن والسنة ضمن مصلحة قريش! واتخذ خمس قرارات تتعلق بالسنة، هي:
1 - منع رواية سنة النبي صلى الله عليه وآله منعا باتا تحت طائلة العقوبة، وقد عاقب عددا من الصحابة لمجرد روايتهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله بالضرب والسجن، وبقي بعضهم في سجنه أو الإقامة الجبرية، حتى مات عمر!
2 - منع تدوين سنة النبي صلى الله عليه وآله منعا باتا، وهو قرار اتخذه عمر مع زعماء قريش من زمن النبي صلى الله عليه وآله، عندما رأوا بعض الغرباء وبعض شباب قريش يكتبون كل ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله مع أنه بشر، يغضب فيقول غير الحق!
وفي خلافة أبي بكر طلب أبو بكر من الناس ما كتبوه من السنة، وأحرقه!
وفي خلافته جمع عمر ما كتبوه من السنة وأحرقه، وأصدر مرسوما خلافيا بعث به إلى الأمصار بإحراق كل مكتوب من السنة أو إتلافه!
3 - أنكروا كتاب (الجامعة) الذي قال علي عليه السلام إنه بإملاء النبي صلى الله عليه وآله وفيه كل ما يحتاج إليه الناس، ولم يستفيدوا منه، وقالوا عن النبي صلى الله عليه وآله لم يخص عليا ولا أحدا من أهل بيته بشئ من العلم، ولم يترك علما غير القرآن.