وقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس قال: دخل رجل على النبي (ص) فأطال الجلوس فخرج النبي (ص) ثلاث مرات ليخرج فلم يفعل فدخل عمر فرأى الكراهية في وجهه فقال للرجل لعلك آذيت النبي (ص) فقال النبي لقد قمت ثلاثا لكي يتبعني فلم يفعل، فقال له عمر: يا رسول الله لو اتخذت حجابا، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن، فنزلت آية الحجاب)!
ثم قال ابن حجر في: 11 / 20: (قوله: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله: أحجب نساءك، تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة وقوله في آخره: قد عرفناك يا سودة، حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله عز وجل الحجاب). انتهى.
فقد قبل ابن حجر أن مشاهدة عمر لسودة كان بعد نزول آية الحجاب، لكن مع ذلك قال إن الآية كانت نزلت موافقة لعمر! لأن عمر أراد أولا أن يستر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وكأنهن كن غير متسترات! (ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولو كن مستترات!) وأن تنزل آية ثانية بتحريم خروجهن من المنزل كليا مبالغة في التستر، فلم يوافقه الله تعالى!
فتكون أسباب نزول الآية عند ابن حجر:
أن النبي صلى الله عليه وآله كره ملامسة يد أجنبي ليد زوجته، فنزلت على أثره الآية.
وأن ثقيلين أطالا الجلوس في بيته بعد الوليمة، فنزلت على أثره الآية.
وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وآله أحجب نساءك فلم يفعل، فنزلت على أثره الآية!!
وأن عمر رأى سودة فتعرض لها وأخشن معها الكلام (حرصا على أن ينزل الحجاب، فنزلت على أثره الآية! الخ...
فهل يقبل العقل أن آية واحدة نزلت على أثر هذه الأسباب مباشرة، وهي أمور متباينة في الوقت والفعل؟! وهل الحشو والتناقض إلا مثل هذا الكلام؟!