ثم قال ابن حجر: (وسيأتي في تفسير الأحزاب أن سبب نزولها قصة زينب بنت جحش لما أولم عليها وتأخر النفر الثلاثة في البيت، واستحيا النبي (ص) أن يأمرهم بالخروج، فنزلت آية الحجاب.
وسيأتي أيضا حديث عمر: قلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب...
وروى ابن جرير في تفسيره من طريق مجاهد قال بينما النبي (ص) يأكل ومعه بعض أصحابه وعائشة تأكل معهم إذ أصابت يد رجل منهم يدها، فكره النبي (ص) ذلك، فنزلت آية الحجاب.
وطريق الجمع بينهما أن أسباب نزول الحجاب تعددت، وكانت قصة زينب آخرها للنص على قصتها في الآية. والمراد بآية الحجاب في بعضها قوله تعالى: يدنين عليهن من جلابيبهن). انتهى.
ثم قال في فتح الباري: 8 / 408: (والحاصل: أن عمر وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له: أحجب نساءك وأكد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب. ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولو كن مستترات! فبالغ في ذلك فمنع منه، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن، دفعا للمشقة ورفعا للحرج... وقد وقع في رواية مجاهد عن عائشة لنزول آية الحجاب سبب آخر أخرجه النسائي بلفظ: كنت أكل مع النبي (ص) حيسا في قعب، فمر عمر فدعاه فأكل فأصاب إصبعه إصبعي فقال: حس أو أوه، لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزل الحجاب.
ويمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب، فلقربه منها أطلقت نزول الحجاب بهذا السبب، ولا مانع من تعدد الأسباب.