وكذلك القول في آية الحجاب، فقد دل الدليل من داخلها وخارجها على أن حكم الحجاب نزل بسبب الثقلاء الذين تأخروا في وليمة النبي صلى الله عليه وآله، وأن حكم تحريم نسائه صلى الله عليه وآله نزل بسبب سوء أدب طلحة، كما رأيت.
أما الأمور الأخرى التي ادعى عمر وعائشة وغيرهما أن حكم الحجاب نزل على أثر كل واحد منها، فلا يمكن قبولها، بل لابد من ردها، لأنها أمور متباينة لا يمكن الجمع بينها والقول بأن الآية نزلت على أثرها جميعا.
وهذا لا ينافي احتمال أن تكون حوادث صحيحة في نفسها، حدثت في أوقات متفاوتة وتراكمت، فنزلت الآية جوابا عليها، ولكنها لا تكون سببا للنزول بالمعنى الذي قالوه، ولا إثباتا لما أرادوه!
تمحل ابن حجر من أجل تصحيح كلام عمر!
كثيرا ما يرتكب علماؤهم التكلف والتمحل من أجل تصحيح كلام عمر! فقد حاول ابن حجر أن يحل المشكلة بتصحيح كل الروايات، ويجعل كل منها سببا لنزول الآية! مع أنها متضادة في الزمان، والمكان، والحدث!! قال في فتح الباري: 1 / 218: (قوله: أحجب نساءك، أي إمنعهن من الخروج من بيوتهن. بدليل أن عمر بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال، كما سيأتي قريبا.
ويحتمل أن يكون أراد أولا الأمر بستر وجوههن، فلما وقع الأمر بوفق ما أراد أحب أيضا أن يحجب أشخاصهن مبالغة في التستر، فلم يجب لأجل الضرورة. وهذا أظهر الاحتمالين! وقد كان عمر يعد نزول آية الحجاب من موافقاته، كما سيأتي في تفسير سورة الأحزاب). انتهى.
ومعنى كلامه أن عمر كان يعد الآية من موافقاته، فلا بد من تصحيح كلامه ب (يحتمل ويحتمل) حتى لو كان الاحتمال ركيكا وغير معقول!!