وقد يستدل بهذا الحديث من لا يجوز الإجتهاد في الأحكام للنبي صلى الله عليه وآله، والجمهور على جوازه، وقد سبق بيانه مرات، ويتأولون هذا الحديث وشبهه على أنه لم يظهر له بالاجتهاد شئ، فلهذا لم يرد عليه شيئا رجاء أن ينزل الوحي)!
وقال ابن حجر في فتح الباري: 13 / 247: (ونقل ابن التين عن الداودي ما حاصله: أن الذي احتج به البخاري لما ادعاه من النفي حجة في الإثبات، لأن المراد بقوله بما أراك الله ليس محصورا في المنصوص، بل فيه إذن في القول بالرأي. ثم ذكر قصة الذي قال إن امرأتي ولدت غلاما أسود، قال: هل لك من إبل، إلى أن قال: فلعله نزعه عرق، وقال لما رأى شبهه بزمعة: احتجبي منه يا سودة. ثم ذكر آثارا تدل على الإذن في القياس، وتعقبها ابن التين بأن البخاري لم يرد النفي المطلق، وإنما أراد أنه (ص) ترك الكلام في أشياء، وأجاب بالرأي في أشياء، وقد بوب لكل ذلك بما ورد فيه. وأشار إلى قوله بعد بابين، باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين، وذكر فيه حديث: لعله نزعه عرق، وحديث: فدين الله أحق أن يقضي، وبهذا يندفع ما فهمه المهلب والداودي....
وقد ذكر الشافعي المسألة في الأم وذكر أن حجة من قال أنه لم يسن شيئا إلا بأمر هو على وجهين: أما بوحي يتلى على الناس، وأما برسالة عن الله أن افعل كذا. قال الله تعالى: وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة.. الآية، فالكتاب ما يتلى والحكمة السنة، وهو ما جاء به عن الله بغير تلاوة....
ثم ذكر الشافعي أن من وجوه الوحي ما يراه في المنام، وما يلقيه روح القدس في روعه، ثم قال: ولا تعدوا السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت.
واحتج من ذهب إلى أنه كان يجتهد بقول الله تعالى: فاعتبروا يا أولي الأبصار، والأنبياء أفضل أولي الأبصار، ولما ثبت من أجر المجتهد ومضاعفته والأنبياء أحق بما فيه جزيل الثواب.