أحدها، عموم قوله تعالى: فاعتبروا يا أولي الأبصار، وكان عليه الصلاة والسلام أعلى الناس بصيرة، وأكثرهم إطلاعا على شرائط القياس وما يجب ويجوز فيها، وذلك إن لم يرجح دخوله في هذا الأمر على دخول غيره، فلا أقل من المساواة فيكون مندرجا تحت الآية، فكان مأمورا بالقياس فكان فاعلا له، وإلا قدح في عصمته)! انتهى.
وهذا قمة ما وصل اليه علماء السلطة في تبرير ظنون خلفائهم وتلبيسها ثوبا شرعيا، أن يجعلوا عمل النبي صلى الله عليه وآله بظنونه فريضة عليه، (وإلا قدح في عصمته)!!
ثم حاول الرازي أن يرقع ذلك بأن أصول الأحكام نزلت على النبي صلى الله عليه وآله بعلم، لكن تفاصيلها وضعها بالظن! قال في المحصول: 6 / 9: (قلت: الجواب عن الأول أن ذلك غير ممكن، لأن العمل بالاجتهاد مشروط بالنص على أحكام الأصول، وإذا كان كذلك تعذر العمل في كل الشرع بالاجتهاد). انتهى.
فقد تفضل الرازي بالقول إن أصول أحكام الشريعة وكلياتها نزلت من الله تعالى، فبنى عليها النبي صلى الله عليه وآله بظنونه وبلغها للمسلمين على أنها شريعة الله تعالى!!
ولنا أن نسأله: هل تعرف تلك الأصول، وكم تبلغ من مجموع الشريعة؟!
ثم قلد الرازي إمامه الجصاص وحاول تخريب آية: وما ينطق عن الهوى... فرد من استدل بها على عدم النبي صلى الله عليه وآله بظنونه! قال في محصوله: 6 / 12: (والجواب عن الأول: أن الله تعالى متى قال له: مهما ظننت كذا فاعلم أن حكمي كذا، فها هنا العمل بالظن عمل بالوحي لا بالهوى). انتهى.
فالمطلوب عند هؤلاء تبرير عمل زعماء قريش بظنونهم، بالغا ما بلغ ذلك من اتهام النبي صلى الله عليه وآله والشريعة، وحتى الوحي والموحي سبحانه وتعالى!!
قال النووي في شرح مسلم: 11 / 55: (قوله: قلت يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث: قل الله يفتيكم في الكلالة...