ثم ذكر ابن بطال أمثلة مما عمل فيه (ص) بالرأي من أمر الحرب، وتنفيذ الجيوش، وإعطاء المؤلفة، وأخذ الفداء من أسارى بدر. واستدل بقوله تعالى: وشاورهم في الأمر، وقال: ولا تكون المشورة إلا فيما لا نص فيه.
واحتج الداودي بقول عمر: إن الرأي كان من رسول الله.... واحتج بن عبد البر لعدم القول بالرأي بما أخرجه من طريق بن شهاب: إن عمر خطب فقال: يا أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله (ص) مصيبا لأن الله عز وجل يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف. وبهذا يمكن التمسك به لمن يقول كان يجتهد لكن لا يقع فيما يجتهد فيه خطأ أصلا، وهذا في حقه صلى الله عليه وسلم....).
وقال الشافعي في كتاب الأم: 4 / 149: (من قتل قتيلا فله سلبه. وذهب بعض أصحابنا إلى أن هذا من الإمام على وجه الإجتهاد، وهذا من النبي (ص) عندنا حكم، وقد أعطى النبي السلب للقاتل في غير موضع). انتهى.
وقال الشيرازي في اللمع في أصول الفقه ص 367: (وقد كان يجوز لرسول الله (ص) أن يحكم في الحوادث بالاجتهاد... ومن أصحابنا من قال ما كان يجوز عليه الخطأ، وهذا خطأ، لقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم، فدل على أنه أخطأ ولأن من جاز عليه السهو والنسيان جاز عليه الخطأ كغيره).
وقال الآمدي في الإحكام: 4 / 216: (أما الكتاب فقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين، وذلك يدل على خطئه في إذنه لهم. وقوله تعالى في المفاداة في يوم بدر: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض.. إلى قوله تعالى: لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم، حتى قال النبي عليه السلام: لو نزل من السماء عذاب لما نجا منه إلا عمر، لأنه كان قد أشار بقتلهم ونهى عن المفاداة، وذلك دليل على خطئه في المفاداة! وقوله تعالى: إنما أنا بشر مثلكم، أثبت المماثلة بينه وبين غيره، وقد جاز الخطأ