ولا يفعل (ص) في حال غضبه إلا الحق، لكن غضبه لله قد يحمله على تعجيل معاقبة مخالفه، وترك الإغضاء والصفح. ويؤيده حديث عائشة: ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله. وهو في الصحيح.
قلت: فعلى هذا فمعنى قوله: ليس لها بأهل، أي من جهة تعين التعجيل! وفي الحديث كمال شفقته (ص) على أمته وجميل خلقه وكرم ذاته، حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم. وهذا كله في حق معين في زمنه واضح، وأما ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين حتى يتناول من لم يدرك زمنه (ص)، فما أظنه يشمله والله أعلم). انتهى كلام ابن حجر.
وتلاحظ أنه حكم بصحة أحاديث رفع اللعن، ثم نقل احتمالات المازري وعياض في رد الإشكالات عليها، وكأنه ارتضاها، حيث لم يرد منها إلا قول المازري بعدم قصد النبي صلى الله عليه وآله لها، فقال إن عدم القصد لا يصح في الجلد!
ثم مال إلى احتمال عياض بأن الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وآله أو جلدهم مستحقون لذلك لكن النبي صلى الله عليه وآله اعتذر عن تعجيله بمجازاتهم، لا عن أصلها!
وهو احتمال بعيد لأن أحاديثهم صريحة في أن النبي صلى الله عليه وآله اعترف بأنه يغضب كعامة البشر، فيشتم ويؤذي ويلعن ويجلد من لا يستحق ذلك!
فيبقى الإشكال: كيف يرتكب النبي صلى الله عليه وآله ذلك وهو صاحب الخلق العظيم؟!
* * على أن الإشكالات الأربعة التالية تبقى واردة على كل احتمالاتهم وتطويلاتهم:
الأول: أن اللعن من النبي صلى الله عليه وآله إنشاء يتضمن الإخبار بأن ذلك الشخص مطرود من رحمة الله تعالى، وهذا الإخبار لا يكون إلا بوحي الله تعالى، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وآله: لعن الله فلان، أو اللهم ألعن فلانا: أن الله أخبرني أنه صدر فيه حكم